أخرج له البخاريّ في التعاليق و"الأدب المفرد"، والمصنّف، والأربعة، وليس له في هذا الكتاب إلا هذا الحديث.
والباقون ذُكروا قبله.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من سُداسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-، وأنه مسلسلٌ بالبصريين، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي ذَرٍّ) جُندب بن جُنادة الغِفَاريّ - رضي الله عنه -؛ أنه (قَالَ: قَالَ لِيَ) بسكون الياء، وفتحها، (النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا) ناهيةٌ، (تَحْقِرَنَّ) -بفتح المثناة فوقُ، وكسر القاف، وفتح الراء، وتشديد النون -أي: لا تستصغرنّ، يقال: حَقَره، واحتقره: استصغره، قال الزمخشريّ: تقول العرب: هو حَقير فَقِير، وهو حاقر ناقر، وفي المثل: من حُقِر حُرِم، وفلان خطير غير حقير (١). وقوله:(مِنَ الْمَعْرُوفِ)؛ أي: ما عرفه الشرع، والعقل بالحُسن، وقال الطيبيّ: المعروف: اسم جامع لكل ما عُرِف من طاعة الله تعالى، والتقرّب إليه، والإحسان إلى الناس، وهو من الصفات الغالبة (٢). قال: ومن المعروف: النِّصفة، وحُسن الصحبة مع الأهل، وغيرهم، وتلقي الناس بوجه طلق وبشاشة. انتهى (٣).
وقال الراغب: المعروف: اسمُ كلِّ فعل يُعْرَف حُسنه بالشرع، والعقل معًا، ويُطلق على الاقتصاد؛ لثبوت النهي عن السرف، وقال ابن أبي جمرة: يُطلق اسم المعروف على ما عُرِف بأدلة الشرع أنه من أعمال البرّ، سواء جرت به العادة، أم لا. انتهى (٤).
وقال الخطّابيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: المعروف كل ما تعرفه النفوس، وتستحسنه العقول،
(١) "فيض القدير" ١/ ١٢١. (٢) هكذا نسخة الطيبيّ: "الغالبة" بالباء الموحّدة، ولعل صوابه: "الغالية" بالياء المثناة تحتُ، فليُحرّر، والله تعالى أعلم. (٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٥٤٤. (٤) "تحفة الأحوذيّ" ٦/ ٩٠.