الأعيان، والحضور في المحافل، إما باللسان، أو اليد واللسان؛ احتقارًا له، فلا يُتْرَك أن يلج الباب فضلًا أن يقعد معهم، ويجلس بينهم (١).
(لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ")؛ أي: لو حلف على وقوع شيء، أوقعه الله تعالى إكرامًا له بإجابة سؤاله، وصيانته من الحِنث في يمينه، وهذا لعظيم منزلته عند الله تعالى، وإن كان حقيرًا عند الناس، وقيل: معنى القَسَم هنا الدعاء، وإبراره إجابته (٢).
وقال المناويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "لو أقسم"؛ أي: حلف على الله ليفعل شيئًا لأبرّه؛ أي: أبرّ قسمة، وأوقع مطلوبه إكرامًا له، وصونًا ليمينه عن الحنث؛ لِعِظَم منزلته عنده، أو معنى القَسَم: الدعاء، هابراره: إجابته، و"رُبّ" هنا للتقليل، قال في "المغني": وليست هي للتقليل دائمًا خلافًا للأكثر، ولا للتكثير دائمًا خلافًا لابن درستويه، وجَمْعٍ، بل للتكثير كثيرًا، وللتقليل قليلًا. انتهى (٣).
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "الأشعث": المتلبِّد الشعر غير المدّهنه، و"المدفوع بالأبواب"؛ أي: عن الأبواب، فلا يُترَك بقربها احتقارًا له، ويصحّ أن يكون معناه: يُدفع بسدّ الأبواب في وجهه، كلما أراد دخول باب من الأبواب، أو قضاء حاجة من الحوائج، وقوله: "لو أقسم على الله لأبرّه"؛ أي: لو وقع منه قَسَم على الله في شيء لأجابه الله تعالى فيما سأله؛ إكرامًا له، ولطفًا به، وهذا كما تقدَّم من قول أنس بن النضر - رضي الله عنه -: "لا والله لا تُكْسَر ثنيّة الرُّبَيِّع أبدًا" (٤) فأبرّ الله قَسَمه، بأن جعل في قلوب الطالبين للقصاص الرضا بالدية، بعد أن أبوا قبولها.
وكنحو ما اتَّفَق للبراء - رضي الله عنه - لَمّا التقى بالكفار، فاقتتلوا، فطال القتال، وعَظُم النزال، فقال البراء: أقسمت عليك يا رب، أو عزمت عليك، لتمنحنا أكتافهم، ولتلحقني بنبيّك - صلى الله عليه وسلم -، فأبرّ الله قَسَمه (٥)، فكان كذلك، ولقد أبعد من
(١) "فيض القدير" ٤/ ١٤. (٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٧٤ - ١٧٥. (٣) "فيض القدير" ٤/ ١٤ - ١٥. (٤) متّفقٌ عليه. (٥) ذكر ابن حبّان في "مشاهير علماء الأمصار" ١/ ١٣: (٣٧) في ترجمة البراء بن =