وقد ذُكر شيخه في الباب الماضي، وسفيان قبل بابين، وأبو الزناد في السند الماضي.
وقوله: (قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَهِيَ لُغَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإنَّمَا هِيَ:"جَلَدْتُهُ")؛ يعني: أن "جلدّه" بتشديد الدال لغة أبي هريرة - رضي الله عنه -، وأما لغة عامّة العرب، فهي جلدته بسكون الدال، بعدها تاء المتكلّم، قال في "النهاية": "أو جلدُّهُ" هكذا رواه بإدغام التاء في الدال، وهي لُغَيّةٌ (١).
وقال النوويّ - رحمه الله -: قوله: "جلدّه"، قال: وهي لغة أبي هريرة، وإنما هي جلدته، معناه: أن لغة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهي المشهورة لعامّة العرب:"جلدته" بالتاء، ولغة أبي هريرة: جلدُّه بتشديد الدال، على إدغام المِثْلين، وهو جائز. انتهى (٢).
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وجه لغة أبي هريرة - رضي الله عنه - في "جلدّه" أنه قلب التاء دالًا؛ لتقارُب مخرجيهما، ثم أدغم التاء في الدال، وهي على عكس اللغة المشهورة، فإنهم فيها قلبوا الدال تاء، ثم أدغموا التاء في التاء، وهو الأَولى. انتهى (٣).
[تنبيه]: رواية سفيان بن عيينة عن أبي الزناد هذه ساقها الحميديّ في "مسنده"، فقال:
(١٠٤١) - حدّثنا (٤) الحميديّ، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ إني مُتَّخِذٌ عندك
(١) "النهاية في غريب الأثر" ١/ ٢٨٥. (٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٥٣. (٣) "المفهم" ٦/ ٥٨٥ - ٥٨٦. (٤) هذا قول الراوي عن الحميديّ، فتنبّه.