(إِخْوَانًا)؛ أي: كونوا كإخوان النسب في الشفقة، والرحمة، والمودّة، والمواساة، والمعاونة، والنصيحة (١)، وفيه إشارة إلى أنكم عبيد الله، فحقكم أن تتواخَوْا بذلك.
وقال الطيبيّ رحمه الله: قوله: "إخوانًا" يجوز أن يكون خبرًا بعد خبر، وأن يكون بدلًا، أو هو الخبرُ، وقوله:"عبادَ الله" منصوب على الاختصاص، أو بالنداء، وهذا الوجه أوقع؛ يعني: أنكم مستوون في كونكم عباد الله تعالى، وملّتكم واحدةٌ، فالتحاسد، والتباغض، والتقاطع منافية لحالكم، فالواجب عليكم أن تكونوا إخوانًا متواصلين متآلفين، كقوله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} الآية [آل عمران: ١٠٣]، ونظيره قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} الآية [الأنبياء: ٩٢، ٩٣]. انتهى (٢).
وقال في "الفتح": قوله: "وكونوا عباد الله إخوانًا" بلفظ المنادَى المضاف، زاد في الرواية الآتية:"كما أمركم الله"، ومثله في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الآتي.
قال الحافظ رحمه الله: وهذه الجملة تشبه التعليل لِمَا تقدم، كأنه قال: إذا تركتم هذه المنهيّات كنتم إخوانًا، ومفهومه: إذا لم تتركوها تصيروا أعداء؛ ومعنى:"كونوا إخوانًا": اكتسبوا ما تصيرون به إخوانًا مما سبق ذِكره، وغير ذلك من الأمور المقتضية لذلك إثباتًا ونفيًا، ولعل قوله في الرواية الزائدة:"كما أمركم الله"؛ أي: بهذه الأوامر المقدَّم ذِكرها، فإنها جامعة لمعاني الإخوة، ونسبتُها إلى الله تعالى لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مبلّغ عن الله تعالى.
ويَحْتَمِل أن يكون المراد بقوله:"كما أمركم الله" الإشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: ١٠] فإنه خبر عن الحالة التي شُرعت للمؤمنين، فهو بمعنى الأمر. انتهى (٣).