(قَالَ) أبو هريرة: (فَوَضَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ) الفارسيّ، وفي رواية العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة:"يده على فخذ سلمان"، (ثُمَّ قَالَ:"لَوْ كَانَ الإِيمَانُ) وفي الرواية السابقة: "لَوْ كَانَ الدِّينُ" (عِنْدَ الثُّرَيَّا) بضمّ الثاء، تصغير ثَرْوى، اسم لنجم معروف؛ سُمّي به لكثرة كواكبه، مع ضيق المحلّ (١). (لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلَاءِ")؛ أي: الفرس بقرينة سلمان الفارسيّ، وقال الكرمانيّ: أي: الفرس؛ يعني: العجم، وفيه نَظَر لا يخفى، ثم إنهم اختلفوا في:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ}، فقيل: هم التابعون، وقيل: هم العجم، وقيل: أبناؤهم، وقيل: كل من كان بعد الصحابة، وقال أبو روق: جميع من أسلم إلى يوم القيامة، وقال القرطبيّ: أحسن ما قيل فيهم: أنهم أبناء فارس، بدليل هذا الحديث:"لناله رجال من هؤلاء"، وقد ظهر ذلك بالعيان، فإنهم ظهر فيهم الدين، وكثر فيهم العلماء، وكان وجودهم كذلك دليلًا من أدلة صدقه - صلى الله عليه وسلم -، قاله في "العمدة"(٢).
وفي الرواية السابقة:""لَذَهَبَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ فَارِسَ - أَو قَالَ: مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ - حَتَّى يَتَنَاوَلَهُ"، وفي رواية البخاريّ: "لناله رجال -أو رجل- من هؤلاء". قال في "الفتح": هذا الشك من سليمان بن بلال، بدليل الرواية التي أوردها بعده من غير شك مقتصرًا على قوله: "رجال من هؤلاء"، وهي عند مسلم، والنسائيّ كذلك، وقد أخرجه الإسماعيليّ من رواية ابن وهب عن سليمان بلفظ: "لناله رجال من هؤلاء" أيضًا بغير شك. انتهى (٣).
وقد أطنب أبو نعيم في أول "تاريخ أصبهان" في تخريج طرق هذا الحديث، أعني حديث: "لو كان الدين عند الثريا"، ووقع في بعض طرقه عند أحمد بلفظ: "لو كان العلم عند الثريا"، وفي بعض طرقه عند أبي نعيم، عن أبي هريرة أن ذلك كان عند نزول قوله تعالى:{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ}[محمد: ٣٨]، ويَحْتَمِل أن يكون ذلك صدر عند نزول كل من الآيتين.
وقد تقدَّم مسلم الحديث مجردًا عن السبب من رواية يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، رفعه: "لو كان الدين عند الثريا لذهب رجال من أبناء فارس،
(١) "القاموس المحيط" ص ١٧٣. (٢) "عمدة القاري" ١٩/ ٢٣٥. (٣) "الفتح" ١٠/ ٦٩٨، كتاب "التفسير" رقم (٤٨٩٧).