والله ما أجد شيئًا أربط به إلا نطاقي، قال: فشقِّيه باثنين، فاربطيه بواحد السقاء، وبالآخر السُّفْرة، ففعلتُ، فلذلك سميت ذات النطاقين. انتهى (١).
وأخرج البخاريّ أيضًا عن وهب بن كيسان، قال: كان أهل الشام يُعّيِّرون ابن الزبير يقولون: يا ابن ذات النطاقين، فقالت له أسماء: يا بُنَيّ إنهم يعيّرونك بالنطاقين، هل تدري ما كان النطاقان؟ إنما كان نطاقي، شققته نصفين، فأوكيت قربة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأحدهما، وجعلت في سُفرته آخر، قال: فكان أهل الشام إذا عيّروه بالنطاقين يقول:
وقال في "الفتح": قوله: "ذات النطاق" بكسر النون، وللكشميهنيّ:"النطاقين" بالتثنية، والنطاق ما يُشَدّ به الوسط، وقيل: هو إزار فيه تِكّة، وقيل: هو ثوب تلبسه المرأة، ثم تشدّ وسطها بحبل، ثم ترسل الأعلى على الأسفل، قاله أبو عبيد الهرويّ، قال: وسُمّيت ذات النطاقين؛ لأنها كانت تجعل نطاقًا على نطاق، وقيل: كان لها نطاقان، تلبس أحدهما، وتجعل في الآخر الزاد. انتهى، والمحفوظ أنها شقّت نطاقها نصفين، فشدّت بأحدهما الزاد، واقتصرت على الآخر، فمن ثَمَّ قيل لها: ذات النطاق، وذات النطاقين، فالتثنية والإفراد بهذين الاعتبارين، وعند ابن سعد من حديث الباب:"شقّت نطاقها، فأوكأت بقطعة منه الجراب، وشدّت فم القربة بالباقي، فسُمّيت ذات النطاقين". انتهى (٤).
(أَنَا وَاللهِ ذَاتُ النِّطَاقَيْن، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكُنْتُ أَرْفَعُ بِهِ طَعَامَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،
(١) "صحيح البخاريّ" ٣/ ١٠٨٧. (٢) قوله: "شكاة "بفتح الشين المعجمة، ومعناها: رفع الصوت بالقول القبيح. وقوله: "ظاهر" معناه أنه أرتفع عنك، ولم يعلق بك، من الظهور، والصمود على أعلى الشيء. انتهى: "عمدة القاري" ٢١/ ٣٧. (٣) هذا عجز بيت من الطويل لأبي ذؤيب الهُذليّ، وصدره: وَعَيَّرَهَا الْوَاشُونَ أَنِّي أُحِبُّهَا (٤) "الفتح" ٧/ ٢٣٦.