فيه، وفي "صحاح الجوهريّ": أنه منسوب إلى قَرْن المنازل: الجبل المعروف ميقات الإحرام لأهل نجد، وهذا غلط فاحش، وسبق هناك التنبيه عليه؛ لئلا يُغترّ به. انتهى (١).
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: اختُلف في نسبه، فقيل: أويس بن عامر بن جَزْء بن مالك، وهو الصحيح. وقيل: أويس بن أنيس، وقيل: أويس بن الخليص المرادي، ثم القَرَني -بفتح الراء- منسوب إلى قرن، قبيلة معروفة. كان - رحمه الله - من أولياء الله المختفين الذين لا يؤبه لهم، ولولا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر عنه، ووَصَفه بوصفه، ونَعْته، وعلامته لَمَا عرفه أحد، وكان موجودًا في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وآمن به، وصدَّقه، ولم يلقه، ولا كاتَبه، فلم يُعَدّ في الصحابة. وقد أخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه من التابعين، حيث قال:"إنَّه خير التابعين". وقد اختُلف في زمن موته، فرُوي عن عبد الله بن سلمة قال: غزونا أذربيجان زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ومعنا أويس القرني، فلما رجعنا مَرِض علينا، فحملناه، فلم يستمسك فمات، فنزلنا، فإذا قبر محفور، وماء مسكوب، وكفن وحنوط، فغسلناه، وكفَّناه، وصلّينا عليه، فقال بعضنا لبعض: لو رجعنا فعلّمنا قبره، فإذا لا قبر ولا أثر.
وروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نادى رجل من أهل الشام يوم صفين: أفيكم أويس القرني؟ فقلنا: نعم، قال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"أويس القرني خير التابعين بإحسان"، وعَطَف دابته، فدخل مع أصحاب علي. قال عبد الرحمن: فوُجد في قتلى أصحاب علي - رضي الله عنه -.
وله أخبار كثيرة، وكرامات ظاهرة، ذكرها أبو نعيم، وأبو الفرج ابن الجوزيّ في كتابيهما. وأويس تصغير أوس، وأوس: الذئب، وبه سمّي الرجل، وقيل: إنه سُمّي بأوس الذي هو مصدر أُست الرجل أوسًا: إذا أعطيته، فالأوس: العطيّة. انتهى (٢).
وبالسند المتّصل ألى المؤلّف - رحمه الله - أوّلَ الكتاب قال: