منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف؛ أي: رفعًا كثيرًا، وقوله:(مِمَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ)"من" زائدة على مذهب من يرى زيادتها في الإثبات، و"ما" زائدة لتأكيد الكثرة، وقوله:"يرفع رأسه" خبر "كان". (إِلَى السَّمَاءِ) متعلّق بـ "يرفع".
وهذا لا يعارضه ما ثبت من أن نَظَره - صلى الله عليه وسلم - إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء، قال الحافظ العراقيّ -رحمه الله- في "ألفيّة السيرة":
لأن نظره إلى السماء كثير في نفسه، لكنّه أقلّ من نظره إلى الأرض، والله تعالى أعلم.
(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("النُّجُومُ)؟ أي: الكواكب، سُمِّيت بها؛ لأنها تنجُم؛ أي: تطلع من مطالعها في أفلاكها (١). (أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ) بفتحات، مصدرٌ، بمعنى: الأمن، قال المجد -رحمه الله-: الأَمْنُ، والآمِنُ، كصاحِب: ضِدُّ الخَوْف، أمِنَ كفَرِحَ أمْنًا، وأمانًا، بفَتْحِهِما، وأمَنًا، وأمَنَةً محرَّكتين، وإِمْنًا بالكسر، فهو أمِنٌ، وأمِينٌ، كَفَرِحٍ، وأمير، ورَجُلٌ أُمَنَةٌ، كهُمَزَةٍ، ويحَرَّكُ: يَأْمَنُهُ كُلُّ أحَدٍ في كلِّ شيءٍ، وقد آمَنَهُ، وأمَّنَهُ. انتهى (٢).
ووَصْفُ النجوم بالأمنة من قبيل قولهم: رجل عَدْلٌ؛ يعني: أنها سبب أمْن السماء، فما دامت النجوم باقية لا تنفطر، ولا تتشقق، ولا يموت أهلها (٣).
وقال النوويّ -رحمه الله-: قال العلماء: "الأَمَنَةُ" بفتح الهمزة، والميم، والأَمْنُ، والأمان، بمعنى، ومعنى الحديث: أن النجوم ما دامت باقية فالسماء باقيةٌ فإذا انكدرت النجوم، وتناثرت في القيامة، وَهَنَت السماء، فانفطرت، وانشقت، وذهبت، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون": أي: من الفتن، والحروب، وارتداد مَن ارتدّ من الأعراب، واختلاف القلوب، ونحو ذلك، مما أنذر به صريحًا، وقد وقع كل ذلك. انتهى (٤).