ووقع في حديث الإسراء:"رأيت موسى جَعْدًا طُوَالًا"، واستنكره الداوديّ، فقال: لا أراه محفوظًا؛ لأن الطويل لا يوصف بالجَعْد.
وتُعُقِّبَ بأنهما لا يتنافيان، وقال النوويّ: الجُعودة في صفة موسى عليه السلام جعودة الجسم، وهو اكتنازه، واجتماعه، لا جعودة الشعر؛ لأنه جاء أنه كان رَجِلَ الشَّعَر. انتهى.
(رَجِلُ الرَّأسِ) بفتح الراء، وكسر الجيم، وتسكن تخفيفًا: يقال: رَجِلَ الشعرُ رَجَلًا، من باب تَعِبَ، فهو رَجِلٌ بالكسر، وتُسكَّن تخفيفًا؛ أي: ليس شديد الجُعُودة، ولا شديد السُّبُوطة، بل بينهما، أفاده الفيّوميّ رَحِمَهُ اللهُ (١).
وقال المجد رَحِمَهُ اللهُ: وشَعَرٌ رَجْلٌ، وكَجَبَلٍ وكَتِفٍ (٢): بَينَ السُّبُوطة والجُعُودة، وقد رَجِلَ، كَفَرِحَ. انتهى.
(كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ) أي: في الطول، وهو اسم قبيلة، وقد تقدّم ضبطه وسبب تسميته في الحديث الماضي، فراجعه.
(قَالَ: وَلَقِيتُ عِيسَى) عليه السلام (فَنَعَتَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا رَبْعَةٌ) - بفتح الراء، وسكون الموحدة، ويجوز فتحها - وهو المربوع، والمراد أنه ليس بطويل جدًّا، ولا بقصير جدًّا، بل هو وَسَطٌ.
(أَحْمَرُ، كَأَنَّمَا خَرَجَ) وفي نسخة: "كأنه خرج"(مِنْ دِيمَاسٍ) - بكسر الدال المهملة، وسكون التحتانية، وآخره سين مهملة - و"الدِّيمَاس" في اللغة: السَّرَبُ (٣)، ويُطْلَق أيضًا على الكِنّ، والحَمَّام من جملة الكِنّ، والمراد من ذلك وصفه بصفاء اللون، ونَضَارة الجسم، وكثرة ماء الوجه، حتى كأنه كان في
= قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "رأيت عيسى، وموسى، وإبراهيم، فأما عيسى فأحمر جَعْدٌ، عَرِيض الصدر، وأما موسى، فادم، جسيم، سَبِط، كأنه من رجال الزط". و"الزُّطّ" بضم الزاي، وتشديد الطاء المهملة: جنس من السودان، وقيل: هم نوع من الهنود، وهم طوال الأجسام مع نَحَافة فيها، قاله في "الفتح" ٦/ ٥٥٩. (١) "المصباح" ١/ ٢٢١. (٢) "القاموس المحيط" ص ٩٠٤. (٣) "السَّرَبُ": بفتحتين: بيت في الأرض لا منفذ له، وهو الوَكْر، جمعه أَسْرابٌ، مثلُ سَبَب وأسباب، فإن كان له منفذٌ إلى موضع آخر، فهو النَّفَقُ. انتهى. "المصباح" ١/ ٢٧٢.