رجلًا رجلًا، ويسمِّيهم، فقلت: أما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: بلى، أسلمتَ إذ كفروا، وأقبلتَ إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وعرفت إذ أنكروا، فقال عديّ: فلا أبالي إذًا. انتهى (١).
(فَقَالَ لِي: إِنَّ أَوَّلَ صَدَقَةٍ بَيَّضَتْ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَوُجُوهَ أَصْحَابِهِ) -صلى الله عليه وسلم-؛ أي: سرّتهم، وأفرحتهم، (صَدَقَةُ طَيِّءٍ) بالهمزة على المشهور، وحُكي تركها؛ أي: صدقة قومك، وهم بنو طيّء، (جِئْتَ بِهَا) بتاء الخطاب، وهو لعديّ؛ أي: أتيت بتلك الصدقة (إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-)، فابيضّت، وجوه أصحابه؛ لكونها جاءتهم في وقت الحاجة، وفيه بيان فضل قبيلة طيّء، حيث إنهم بيّضوا وجهه -صلى الله عليه وسلم-، ووجوه أصحابه -رضي الله عنهم- بصدقاتهم، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.
[تنبيه]: كون هذا الحديث من مسند عمر -رضي الله عنه- هو الصواب، كما هو عند الحافظ أبي الحجّاج المزيّ -رضي الله عنه- في "تحفته"(٢)، وأما جَعْل بعض الشرّاح (٣) له من مسند عديّ -رضي الله عنه- فغير صحيح، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤٨/ ٦٤٢٨](٢٥٢٣)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(٧/ ٢٦١)، و (أحمد) في "مسنده"(١/ ٤٥)، و (البزّار) في "مسنده"(١/ ٤٦٩)، و (ابن أبي عاصم) في "الأوائل"(١/ ٧٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٧/ ١٠)، و (الخطيب البغداديّ) في "تاريخ بغداد"(١/ ١٩٠)، و (ابن عساكر) في "تاريخ دمشق"(٤٠/ ٨٤)، والله تعالى أعلم.
(١) "صحيح البخاريّ" ٤/ ١٥٩٦. (٢) راجع: "تحفة الأشراف" ٨/ ٨٨ في ترجمة عديّ بن حاتم، عن عمر -رضي الله عنهما-. (٣) هو الشيخ الهرريّ، راجع: شرحه ٢٤/ ١٨٢.