[الفتح: ١٨]، وبغير ذلك، وصار هذا الاستثناء؛ كقوله تعالى:{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}[الفتح: ٢٧]. انتهى (١).
وقوله:(مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ) بيان مقدّم لقوله: (أَحَدٌ) فهو متعلّق بحال مقدّر على قاعدة: نعتُ النكرة إذا قُدّم عليها أُعرب حالًا، كما في قول الشاعر:
(الَّذِينَ بَايَعُوا) النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (تَحْتَهَا) قد تقدّمت قصّة البيعة في "كتاب الجهاد" برقم [٣٢/ ٤٦٢٩](١٧٨٦) فراجعها تستفد. (قَالَتْ) حفصة -رضي الله عنها-: (بَلَى)؛ أي: لا بدّ من أن يدخلوها؛ للآية الآتية، (يَا رَسُولَ اللهِ، فَانْتَهَرَهَا)؛ أي: زجرها النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، (فَقَالَتْ حَفْصَةُ) مُحتَجّة لقولها: "بلى"، قال الله تعالى مخبرًا عن ورود الناس جميعًا النار:({وَإِنْ}) نافية؛ أي: ما ({مِنْكُمْ}) خبر مقدّم لقوله: ({إِلَّا وَارِدُهَا})؛ أي: وارد النار، غَرَضُها بذلك أن تحتجّ بعموم الآية على أن أصحاب الشجرة سَيَرِدُون النار مع سائر الناس، فبيّن لها -صلى الله عليه وسلم- أن عموم أول الآية مخصوص بآخرها.
قال النوويّ: والصحيح أن المراد بالورود في الآية: المرور على الصراط، وهو جسر منصوب على جهنم، فيقعُ فيها أهلها، وينجو الآخرون. انتهى (٢).
وقال النسفيّ -رحمه الله- في "تفسيره": {وَإِنْ مِنْكُمْ} أحد {إِلَّا وَارِدُهَا} داخِلُها، والمراد: النار، والورود: الدخول، عند عليّ، وابن عباس -رضي الله عنهم-، وعليه جمهور أهل السُّنَّة؛ لقوله تعالى:{فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ}[هود: ٩٨]، ولقوله تعالى:{لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا}[الأنبياء: ٩٩]، ولقوله:{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا}؛ إذ النجاة إنما تكون بعد الدخول؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "الورود الدخول، لا يبقى بَرّ، ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمنين بردًا وسلامًا، كما كانت على إبراهيم، وتقول النار للمؤمن: جُزْ يا مؤمن، فإن نورك أطفأ لَهَبي"، وقيل: الورود بمعنى الدخول، لكنه يختص بالكفار؛ لقراءة ابن عباس:{وإِنْ مِنْهُمْ}، وتُحمل القراءة المشهورة على الالتفات، وعن عبد الله: الورود الحضور؛ لقوله تعالى:{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ}[القصص: ٢٣]، وقوله: {أُولَئِكَ