صوتهما، وأما الدّفّ فهو بفتح الدال المهملة، وتشديد الفاء، قال ابن سيده: الدفيف سَيْر لَيِّنٌ، دَفّ يَدِفّ دَفيفًا، ودَفّ الماشي على وجه الأرض: إذا جَدّ، ودَفّ الطائر، وأدف: ضرب جنبيه بجناحية، وقيل: هو إذا حرّك جناحية، ورجلاه في الأرض. انتهى (١).
وقال في "الفتح": قوله: "دَفّ نعليك" بفتح المهملة، وضبطها المحبّ الطبريّ بالإعجام، والفاء مثقّلةً، وقد فسّره البخاريّ في رواية كريمة بالتحريك، وقال الخليل: دَفّ الطائر: إذا حرّك جناحية، وهو قائم على رجليه، وقال الحميديّ: الدفّ: الحركة الخفيفة، والسَّير الليّن، ووقع في رواية مسلم "خَشْفَ" بفتح الخاء، وسكون الشين المعجمتين، وتخفيف الفاء، قال أبو عبيد وغيره: الخشف الحركة الخفيفةُ، ووقع في حديث جابر المذكور عند مسلم قبل باب، وكذا في حديث بريدة، عند أحمد، والترمذيّ، وغيرهما:"خشخشة" بمعجمتين مكررتين، وهو بمعنى الحركة أيضًا. انتهى (٢).
(بَيْنَ يَدَيَّ)؛ أي: أمامي (فِي الْجَنَّةِ") وذلك في النوم؛ لأنه لا يدخل أحد الجَنَّة في اليقظة والنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإن دخلها يقظةً ليلة المعراج، إلَّا أن بلالًا لَمْ يدخلها.
قال العراقيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "شرح التقريب": إن قيل: كيف رأى بلالًا أمامه، مع أنه أول من يدخلها؟.
قلنا: لَمْ يقل هنا: إنه يدخلها قبله يوم القيامة، وإنما رآه أمامه منامًا، وأما الدخول حقيقةً فهو أول داخل، وهذا الدخول المراد به: سَرَيان الروح حالة النوم، قال القاضي: ولا يجوز إجراؤه على ظاهره؛ إذ ليس لنبيّ من الأنبياء أن يسابقه، فكيف بأحد من أمته؟. انتهى (٣).
وقال الكرمانيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: ظاهر الحديث أن السماع المذكور وقع في النوم؛ لأنَّ الجَنَّة لا يدخلها أحد إلَّا بعد الموت، ويَحْتَمِل أن يكون في اليقظة؛ لأنَّ
(١) "عمدة القاري" ٧/ ٢٠٦. (٢) "الفتح" ٣/ ٥٥٤، كتاب "التهجّد" رقم (١١٤٩). (٣) "فيض القدير" ٣/ ٥١٨.