يطوفون به في شعاب مكة، وهو يقول:"أحدٌ، أحدٌ"، وفي رواية: وجعلوا الحبل في عنقه، وقال سعيد بن المسيِّب: كان بلال شحيحًا على دينه، وكان يعذَّب على دينه، فإذا أراد المشركون أن يقاربهم قال: الله، الله. فاشتراه أبو بكر بخمس أواق، وقيل: بسبع. وقيل: بتسع، فأعتقه، فكان يؤذّن لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما مات النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أراد أن يروح إلى الشام، فقال له أبو بكر - رضي الله عنه -: بل تكون عندي، فقال: إن كنت أعتقتني لنفسك، فاحبسني، وإن كنت أعتقتني لله، فذرني أذهب إليه، فقال: اذهب، فذهب إلى الشام، فكان بها حتى مات - رضي الله عنه -.
قال القرطبيّ: وظاهر هذا أنه لَمْ يؤذِّن لأبي بكر، وقد ذكر ابن أبي شيبة عن حسين بن علي، عن شيخ يقال له: الحفصي، عن أبيه، عن جده قال: أذّن بلال حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم أذَّن لأبي بكر حياته، ولم يؤذِّن في زمان عمر، فقال له عمر: ما منعك أن تؤذّن؟ قال: إني أذّنت لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى قُبض، وأذّنت لأبي بكر - رضي الله عنه - حتى قُبض؛ لأنَّه كان وليّ نعمتي، وقد سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:"يا بلال ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله"، فخرج فجاهد، ويقال: إنه أذّن لعمر - رضي الله عنه - إذ دخل الشام، فبكى عمر، وبكى المسلمون. وكان بلال خازنًا لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال عمر: أبو بكر سيدنا، وأعتق بلالًا سيدَنا. وتُوُفي بلال - رضي الله عنه - بدمشق، ودُفن عند الباب الصغير بمقبرتها سنة عشرين، وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقيل: سنة إحدى وعشرين، وهو ابن سبعين. انتهى (١).
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّلَ الكتاب قال: