٢ - (أَبُو الْيَمَانِ) الحكم بن نافع الْبَهْرانيّ الحمصيّ، مشهور بكنيته، ثقةٌ ثبتٌ، يقال: إن أكثر حديثه عن شعيب مناولة [١٠] (٢٢٢) (ع) تقدم في "الإيمان" ٢٣/ ١٩٦.
والباقون ذُكروا في الباب.
وقوله: ("يَا عَائِشُ) هذا من الترخيم، وفيه دليلٌ على جواز الترخيم، وهو حَذْف أواخر الكلم في النداء، نحو: يا سعا، والأصل: يا سعاد، كما قال في "الخلاصة":
تَرْخِيمًا احْذِفْ آخِرَ الْمُنَادَى … كَـ "يَا سُعَا" فِيمَنْ دَعَا سُعُادَى
ويجوز في شين "عائش" الفتح، ويُسمّى لغة من ينتظر المحذوف للترخيم، والضمّ، ويُسمّى لغة من لا ينتظر الحرف المحذوف، وإليه أشار في "الخلاصة" بقوله:
وَإِنْ نَوَيْتَ بَعْدَ حَذْفِ مَا حُذِفْ … فَالْبَاقِيَ اسْتَعْمِلْ بِمَا فِيهِ أُلِفْ
وَاجْعَلْهُ إِنْ لَمْ تَنْوِ مَحْذُوفًا كَمَا … لَوْ كَانَ بِالآخِرِ وَضْعًا تُمِّمَا
فَقُلْ عَلَى الأَوَّلِ فِي ثَمُودَ يَا … ثَمُو وَيَا ثَمِي عَلَى الثَّاني بِيَا
وقوله: (يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ") قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: يقال: أقرأته السلام، وهو يُقرئك السلام -رُباعيًّا- فتضم ياء المضارعة منه، فإذا قلت: يَقرأ عليك السلام - كان مفتوح حرف المضارعه؛ لأنَّه ثلاثيّ، وهذه فضيلة عظيمة لعائشة -رضي الله عنها-، غير أن ما ذُكر من تسليم الله -عَزَّ وَجَلَّ- على خديجة أعظم؛ لأنَّ ذلك سلام من الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وهذا سلام من جبريل -عَلَيْهِ السَّلَام-. انتهى (١).
وقولها: (وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، وَرَحْمَةُ اللهِ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: فيه حجة لمن اختار أن يكون ردّ السلام هكذا، وإليه ذهب ابن عمر -رضي الله عنهما- (٢).
وقولها: (وَهُوَ يَرَى مَا لَا أَرَى)؛ تعني: أن النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرى ما لا تراه هي، وهو الملَك، وفي رواية البخاريّ: "ترى ما لا أري، تريد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"، والله تعالى أعلم.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(١) "المفهم" ٦/ ٣٣٢ - ٣٣٣.
(٢) "المفهم" ٦/ ٣٣٣.