أشهر وأفصح، وبه جاء القرآن، وقد نَصَب الرجل، بفتح النون، وكسر الصاد: إذا أعيا. انتهى (١).
وقال عياض في "المشارق": قوله: "ببيت من قصب" قد ذكر ابن وهب في روايته تفسيره في الحديث نفسه، قالت:"يا رسول الله ما بيت من قصب؟ قال: هو بيت من لؤلؤة مُجَبَّأَةٍ"، قال ابن وهب: أي: مجوّفة، ويروى: مجوَّبة بمعناه، قالوا: القصب هو اللؤلؤ المجوّف الواسع؛ كالقصر المنيف، قال الخليل: القصب ما كان من الجوهر مستطيلًا أجوف، ويؤيد تفسيرهم قوله في الحديث الآخر:"قباب اللؤلؤ"، وفي الآخر:"قصر من درة مجوّفة". انتهى (٢).
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "من قصب. . . إلخ" قال الهرويّ وغيره: القصب -هنا-: اللؤلؤ المجوَّف المستطيل، والبيت: هو القصر.
قال: وهذا نحو قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر:"إن في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوَّفة عرضها ستون ميلًا"، متّفقٌ عليه، وفي لفظ آخر:"من درَّة بيضاء طولها ستون ميلًا"، وسيأتي -إن شاء الله تعالى-.
والصخب: اختلاط الأصوات، ويقال: بالسين والصاد، والنصب: التعب والمشقة. ويقال: نُصْبٌ، ونَصَبٌ؛ كحُزْن وحَزَن؛ أي: لا يصيبها ذلك؛ لأنَّ الجنة منزهة عن ذلك، كما قال تعالى: {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (٤٨)} [الحجر: ٤٨]، وقيل: معناه: أن هذا البيت خالص لها، لا تُنازَع فيه، فيُصخب عليها فيه، وذلك من فضل الله تعالى عليها، لا بنصبها في العبادة، ولا اجتهادها في ذلك. انتهى (٣).
وقوله:(قَالَ أَبُو بَكْرٍ)؛ يعني: ابن أبي شيبة، (فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يَقُلْ: سَمِعْتُ، وَلَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيثِ: وَمِنِّي) غرض المصنّف -رحمه الله- بهذا بيان اختلاف شيوخه الثلاثة، فقد اتّفق أبو كريب، ومحمد بن عبد الله بن نُمير، فقالا في روايتهما:"عن أبي زرعة، قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه-"،