(عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) الساعديّ -رضي الله عنهما -، أنه (قَالَ: اسْتُعْمِلَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنْ آلِ مَرْوَانَ) قال الحافظ: لم أقف على اسمه صريحًا. (قَالَ: فَدَعَا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ) -رضي الله عنهما - (فَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتِمَ عَلِيًّا)؛ أي: ابن أبي طالب -رضي الله عنه-. (قَالَ: فَأَبَى سَهْلٌ) أن يشتم عليًّا -رضي الله عنه-، (فَقَالَ لَهُ) ذلك الأمير (أمّا إِذْ أَبيْتَ) أن تشتم عليًّا باسمه (فَقُلْ: لَعَنَ اللهُ أَبَا التُّرَابِ)؛ أي: اشتم كنيته، (فَقَالَ سَهْل) -رضي الله عنه- (مَا كَانَ لِعَلِيٍّ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَبِي التُّرَابِ)؛ يعني: أن هذا الاسم أحبّ الأسماء إليه، فكيف ألعنه؟، وفيه إطلاق الاسم على الكنية. (وَإِنْ) مخفّفة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف؛ أي: وإنّه (كَانَ لَيَفْرَحُ إِذَا دُعِيَ) بالبناء للمفعول؛ أي: نودي (بِهَا)؛ أي: بهذه الكنية. (فَقَالَ لَهُ) ظاهر السياق أن القائل ذلك الأمير، لكن رواية البخاريّ صريحة في أنه أبو حازم، ولفظه:"فاستطعمت الحديث سهلًا، وقلت: يا أبا عبّاس كيف ذلك؟ ". (أَخْبِرْنَا عَنْ قِصَّتِهِ)؛ أي: عن قصّة عليّ -رضي الله عنه-، (لِمَ سُمِّيَ أَبَا تُرَاب؟ قَالَ) سهل (جَاءَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بَيْتَ فَاطِمَةَ) -رضي الله عنهما - (فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا) -رضي الله عنه- (فِي الْبَيت، فَقَالَ) لها ("أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟ ") أراد به عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وفي الحقيقة هو ابن عم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وإنما اختار هذه العبارة، ولم يقل أين زوجك؟ أوأين عليّ؟؛ لأنه فَهِم أنه جرى بينهما شيء، فأراد استعطافها عليه بذكره القرابة النسبية التي بينهما، قاله في "العمدة"(١).
وقال في "الفتح": فيه إطلاق ابن العمّ على أقارب الأب؛ لأنه ابن عم أبيها، لا ابن عمها، وفيه إرشادها إلى أن تخاطبه بذلك؛ لِمَا فيه من الاستعطاف بذكر القرابة، وكأنه -صلى الله عليه وسلم- فَهِم ما وقع بينهما، فأراد استعطافها عليه بذكر القرابة القريبة التي بينهما. انتهى (٢).
(فَقَالَتْ) فاطمة (كَانَ بَيْني وَبَيْنَهُ شَيْءٌ)؛ أي: من المخاصمة، (فَغَاضَبَنِي) من باب المفاعلة المقتضية للمشاركة، (فَخَرَجَ) من البيت (فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي) بكسر القاف، من القيلولة، والقيلولةُ نوم نصف النهار، ذكره ابن درستويه.
(١) "عمدة القاري" ٤/ ١٩٩. (٢) "الفتح" ٢/ ١٧٨، كتاب "الصلاة" رقم (٤٤١).