ووقع في رواية نافع بن جبير:"وأنا حاشر، بَعِثت مع الساعة، وهو يرجح الأول، قاله في "الفتح" (١).
وقال الحافظ ابن عبد البرّ رَحِمَهُ اللهُ: معنى قوله: "يحشر الناس على قدميّ"؛ أي: قُدّامي، وأمامي؛ كأنهم يَجتمعون إليه، وينضمون حوله، ويكونون أمامه، ووراءه يوم القيامة، قال الخليل: حَشَرَتهم السَّنَةُ: إذا ضَمَّتهم من النواحي، وقد قيل: "على قدمي" على سابقتي، من قوله تعالى:{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} الآية [يونس: ٢]، والقدم: السابقة بإخلاص الصدقة، والطاعة، قال حسان بن ثابت الأنصاريّ -رضي الله عنه-[من الطويل]:
(وَأَنَا الْعَاقِبُ") قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: وفي الرواية الأخرى: "المقفي"، ومعناهما واحد: وهو أنه -صلى الله عليه وسلم- آخر الأنبياء، وخاتمهم، وأكرم أعقابهم، وأفضل من قفّاهم، وقفّاهم؛ أي: كان بعدهم، واتبع آثارهم، قال ابن الأنباريّ: المقفي: المتَّبع للنبيين قبله، يقال: قَفَوتُه، أَقْفُوه، وقَفَيتُه: إذا تبعته، ومثله: قُفْتُه، أقُوفُه، ومنه قوله تعالى:{ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} الآية [الحديد: ٢٧]، وقوله:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} الآية [الإسراء: ٣٦]، وقافية كل شيء: آخره. انتهى (٣).
وقوله:(وَالْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ) هذا التفسير مدرج من الزهريّ، ويؤيّده ما سيأتي عن عقيل قال:"قلت للزهريّ: وما العاقب؟ قال: الذي ليس بعده نبيّ"، ويَحْتَمِل أن يكون مرفوعًا، ويؤيّده ما أخرجه الترمذيّ من طريق ابن عيينة بلفظ:"الذي ليس بعدي نبيّ"، والله تعالى أعلم.
وقال في "الفتح": ظاهره الإدراج، لكن وقع في رواية سفيان بن عيينة
(١) "الفتح" ٨/ ١٨٩ - ١٩٠، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٣٢). (٢) "الاستذكار" ٨/ ٦٢١. (٣) "المفهم" ٦/ ١٤٦.