شعره -صلى الله عليه وسلم- بين أذنيه وعاتقه، وفي حديث البراء -رضي الله عنه-: "له شعر يبلغ شحمة أذنيه إلى منكبيه"، قال في "الفتح": قال ابن التين تبعًا للداوديّ: قوله: "يبلغ شحمة أذنيه" مغاير لقوله: "إلى منكبيه"، وأجيب بأن المراد: أن مُعظم شعره كان عند شحمة أذنه، وما استرسل منه متصل إلى المنكب، أو يُحْمَل على حالتين، وقد وقع نظير ذلك في حديث أنس -رضي الله عنه- عند مسلم -يعني: هذا الحديث- من رواية قتادة عنه:"أن شعره -صلى الله عليه وسلم- كان بين أذنيه وعاتقه"، وفي حديث حميد عنه:"إلى أنصاف أذنيه"، ومثله عند الترمذيّ من رواية ثابت عنه، وعند ابن سعد من رواية حماد، عن ثابت عنه:"لا يجاوز شعره أذنيه"، قال الحافظ: وهو محمول على ما قدمته (١)، أو على أحوال متغايرة.
ورَوَى أبو داود من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:"كان شعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوق الوَفْرة، ودون الْجُمّة".
وفي حديث هند بن أبي هالة في صفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند الترمذي وغيره:"فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه؛ إذا هو وَفّره"؛ أي: جعله وَفْرةً، فهذا القيد يؤيد الجمع المتقدم.
وروى أبو داود، والترمذيّ من حديث أم هانئ -رضي الله عنها- قالت:"رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وله أربع غَدائر"، ورجاله ثقات. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٦/ ٦٠٤٩ و ٦٠٥٠ و ٦٠٥١](٢٣٣٨)، و (البخاريّ) في "المناقب"(٣٥٤٧ و ٣٥٤٨) و"اللباس"(٥٩٠٥ و ٥٩٠٦ و ٥٩٠٧)، و (أبو داود) في "الترجّل"(٤١٨٥ و ٤١٨٦)، و (الترمذيّ) في "الشمائل"(٢٦)، و (النسائيّ) في "المجتبى"(٨/ ١٨٣)، و (ابن ماجه) في
(١) أراد قوله: إن مُعظم شعره كان عند شحمة أذنه، وما استرسل منه متصل إلى المنكب. (٢) "الفتح" ٨/ ٢١١ - ٢١٢، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٥١).