وقال القرطبيّ رحمه الله: القيح: الْمِدَّة يخالطها دم، يقال منه: قاح الجرحُ، يقيح. وتقيَّح، وقيَّح، وصديد الجرح: ماؤه المختلط بالدَّم الرقيق قبل أن تغلظ الْمِدَّة. انتهى (٣).
(يَرِيهِ) قال أهل اللغة، والغريب: بفتح الياء، وكسر الراء، من الْوَرْي، وهو داء يُفسد الجوف، ومعناه: قَيحًا يأكل جوفه، ويفسده، قالَه النوويّ رحمه الله (٤).
وقال في "الفتح": "يَرِيه " بفتح الياء آخر الحروف، بعدها راء، ثم ياء أخرى، قال الأصمعيّ: هو من الْوَرْيِ، بوزن الرَّمْيِ (٥)، يقال منه: رجل مَوْرِيّ، غير مهموز، وهو أن يُورَى جوفُهُ، وأنشد:
قَالَتْ لَهُ وَرْيًا إِذَا تَنَحْنَحَا
تدعو عليه بذلك، وقال أبو عبيد: الْوَرْيُ: هو أن يأكل القيح جوفَه، وحَكَى ابن التين فيه الفتح، بوزن الْفَرَى، وهو قول الفراء، وقال ثعلب: هو بالسكون المصدر، وبالفتح الاسم، وقيل معنى قوله:"حتى يَرِيه"؛ أي: يُصيب رئته، وتُعُقِّب بأن الرئة مهموزة، فإذا بَنَيت منه فعلًا قلت: رآه يَرآه فهو مَرْئِيّ. انتهى.
قال الحافظ: ولا يلزم من كون أصلها مهموزًا أن لا تُستعمل مُسَهَّلةً، ويُقَّرِّب ذلك أن الرئة إذا امتلأت قيحًا يحصل الهلاك. انتهى (٦).
[تنبيه]: قوله: "يريه" جملة في محلّ نصب صفة "قيحًا"، وقع في رواية
(١) المِدّة بكسر الميم، وتشديد الدال: القيح، قال الفيّومي: المِدَّةُ بالكسر؛ القيح: وهي الْغَثِيثة الغليظة، وأما الرقيقة فهي صديد. انتهى. "المصباح المنير" ٢/ ٥٦٦. (٢) "الفتح" ١٤/ ٢٥، كتاب "الأدب" رقم (٦١٥٤). (٣) "المفهم" ٥/ ٥٢٩. (٤) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٤. (٥) قال في "تاج العروس" ١/ ٨٦٤٤: الْوَرْيُ بالسكون قيح يكون في الجوف، أو قُرْح شديد يُقاء منه القيح، والدم، وقد وَرَى القيح جوفه -كَوَعَى- يَرِيه وَرْيًا: أفسده، وفي "الصحاح": أكله. انتهى. (٦) "الفتح" ١٤/ ٢٥، كتاب "الأدب" رقم (٦١٥٤).