وقال ابن بطال: هو على معنى الأدب، وليس على سبيل الإيجاب، وقد تقدم في "الصلاة" في الذي يعقد الشيطان على قافية رأسه: "فيُصبح خبيث النفس"، ونطق القرآن بهذه اللفظة، فقال تعالى:{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ}[إبراهيم: ٢٦].
قال الحافظ: لكن لم يَرِد ذلك إلا في معرض الذم، فلا ينافي ذلك ما دل عليه حديث الباب، من كراهة وصف الإنسان نفسه بذلك، وقد سبق لهذا عياض، فقال: الفرق أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن صفة شخص مذموم الحال، فلم يمتنع إطلاق ذلك اللفظ عليه.
وقال ابن أبي جمرة: النهي عن ذلك للندب، والأمر بقوله:"لَقِست" للندب أيضًا، فإن عبَّر بما يؤدي معناه كفى، ولكن تَرَكَ الأولى. انتهى (١).
وقوله:(هَذَا حَدِيثُ أَبِي كُرَيْبٍ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ)؛ يعني: ابن أبي شيبة، (عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَمْ يَذْكُرْ:"لَكِنْ") هذا فيه بيان اختلاف شيخيه: أبي بكر بن أبي شيبة، وأبي كريب، حيث قال أبو كريب:"قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وقال ابن أبي شيبة:"عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -"، وأيضًا لم يذكر ابن أبي شيبة لفظة:"ولكن"، وإنما قال:"وليقل: لقِست نفسي"، بدون لفظة:"لكن"، قال ابن أبي شيبة في "مصنّفه":
(٢٦٥٠٤) - حدّثنا ابن عيينة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يقل أحدكم: خَبُثت نفسي، وليقل: لَقِست نفسي". انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤/ ٥٨٦٤ و ٥٨٦٥](٢٢٥٠)، و (البخاريّ) في "الأدب"(٦١٧٩) وفي "الأدب المفرد"(٨٠٩)، و (أبو داود) في "الأدب"
(١) "الفتح" ١٤/ ٤٩، كتاب "الأدب" رقم (٦١٧٩). (٢) "مصنف ابن أبي شيبة" ٥/ ٣٢٠.