وقوله:(يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ) بمعجمة، وموحّدة مفتوحتين، بينهما تحتية ساكنة، وهي الحرمان، والخسران.
وقوله: (فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ")؛ أي: المدبِّر للأمور، الفاعلُ ما تنسبونه إلى الدهر، من جَلْب الحوادث، ودَفْعها، كان شأن الجاهلية ذمّ الدهر عند الحوادث، أو عدم حصول المطلوب، فقال ذلك ردًّا لاعتقادهم.
وفي رواية: "فإن الدهر هو الله" (١)؛ أي: فإن جالب الحوادث، ومتوليها هو الله، لا غيره.
وقيل: إنه على حذف مضاف؛ أي: صاحب الدهر؛ أي: الخالق له، وقيل: تقديره: مقلِّب الدهر، ولذا عقّبه بقوله في رواية: "بيدي الله الليل والنهار"، فمعنى النهي عن سبّه: أن من اعتقد أنه فاعل للمكروه فسبَّه أخطأ، فإن الله هو الفاعل، فإذا سبّه رجع إلى الله. انتهى (٢).
والحديث سبق الكلام فيه، ولله الحمد والمنّة.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
[٥٨٥٢](. . .) - (وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإِن اللهَ هُوَ الدَّهْرُ").
(١) ذكر ابن عبد البرّ هذه الرواية في "الاستذكار" ٨/ ٥٥٠. (٢) "شرح الزرقانيّ" ٤/ ٥١٤.