ولكن تسرع إليهم العين، أفنرقيهم؟ قال:"وبماذا؟ "، فعَرَضت عليه، فقال:"ارقيهم"(١)، وفي رواية البيهقيّ:"ولكن العين تُسرع إليهم، أفأرقيهم" قال: "وبماذا؟ "، فعرضت عليه كلامًا لا بأس به، فقال:"نعم ارقيهم"(٢).
(فقَالَ:"ارْقيهِمْ")؛ أي لأنه رُقية شرعيّة، وليس من رُقَى الجاهليّة المشتملة على الشركيّات.
وفي رواية ابن عبد البرّ في "التمهيد": "أن أسماء بنت عميس قالت: يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين، أفأسترقي لهم؟ قال: "نعم، لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين". انتهى (٣)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٦/ ٥٧١٤](٢١٩٨)، و (أحمد) في "مسنده" (٣/ ٣٣٣)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (٢٤/ ١٤٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٩/ ٣٤٨)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان أن العين حقّ، يُتأذى بها، وأن الرقي تنفع منها، إذا قدَّر الله ذلك، فالشفاء بيده - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، لا شريك له، وسبيل الرُّقَى سبيل سائر العلاج والطبّ.
٢ - (ومنها): بيان أن الرُّقَى مما يُستدفع به أنواع من البلاء، إذا أَذِن الله في ذلك، وقَضَى به.
٣ - (ومنها): بيان أن العين تُسرع إلى قوم فوق إسراعها إلى آخرين، وأنها تؤثّر في الإنسان بقضاء الله تعالى وقدره، وتَضرّ به في أشياء كثيرة قد
(١) "مسند الإمام أحمد بن حنبل" ٣/ ٣٣٣. (٢) "سنن البيهقي الكبرى" ٩/ ٣٤٨. (٣) "التمهيد" لابن عبد البرّ ٢٣/ ١٥٤.