أنه من خماسيّات المصنّف رحمه الله، وأنه مسلسل بالبصريين من أوله إلى آخره، وأن فيه الراوي عن جدّه، فأنس - رضي الله عنه - جدّ هشام الراوي عنه، وفيه أنس - رضي الله عنه - من المكثرين السبعة، وآخر من مات من الصحابة بالبصرة - رضي الله عنهم -.
شرح الحديث:
(عَنْ هِشَامِ بْنِ زيدٍ) الأنصاريّ (عَنْ) جدّه (أنس) بن مالك - رضي الله عنه - (أَنَّ امْرَأة يَهُودِيةً) اسمها زينب بنت الحارث، أخت مِرْحب اليهوديّ، كذا جاءت مسمّاةً في "مغازي موسى بن عُقبة"، وفي "الدلائل" للبيهقيّ، قاله صاحب "التنبيه"(١)، واختُلف في إسلامها. (أَتَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ) قال القرطبيّ رحمه الله: ظاهره: أنها أتته بها على وجه الهدية، فإنَّه كان يقبل الهديَّة، ويثيب عليها، ويحتمل أن تكون ضيافة، وأبعد ذلك أن تكون بيعًا، وفي غير كتاب مسلم: أنه - صلى الله عليه وسلم - أخذ من الشاة الذراع، فاكل منها هو وبشر بن البراء، وأنه قال عند ذلك:"إن هذه الذراع تخبرني: أنها مسمومةٌ"، فأُحضرت اليهوديَّة، فسُئلت عن ذلك، فاعترفت، وقالت: إنما فعلت ذلك؟ لأنَّك إن كنت نبيًّا لم تضرك، وإن كنت كاذبًا أَرَحْتَ منك، وفي كتاب مسلم قالت: أردت لأقتلك، فأجابها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بأن قال:"ما كان الله ليسلطك على ذلك"، فلم يضرَّ ذلك السُّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طول حياته، غير ما أثّر بلهواته، وغير ما كان يعاوده منه في أوقات، فلما حضر وقت وفاته أحدث الله تعالى ضرر ذلك السُّم في النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فتوفي بسببه، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي توفي فيه:"لم تزل أكلة خيبر تعاودني، فالآن أوان قطعت أبهري"، فجمع الله لنبيِّه فيه بين النبوَّة والشهادة؛ مبالغةً في الترفيع والكرامة.
وأمّا بشر بن البراء - رضي الله عنه -: فروي: أنه مات من حينه، وقيل: بل لزمه وجعه ذلك، ثم توفي منه بعد سنة. انتهى (٢).
[تنبيه]: أخرج البخاريّ رحمه الله هذه القصّة من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، مطوّلًا، فقال: