وقال أبو عمرو الشيبانيّ:"الجفّ" بالفاء: شيء يُنقر من جذوع النخل. (قَالَ) السائل: (فَأَيْنَ هُوَ؟)؛ أي: السحر الذي سُحر به - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، (قَالَ) المسؤول: (فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ) قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: كذا هو في الأصل، وخارج الحاشية:"في بئر ذروان"، ووقع في البخاري في "كتاب الدَّعوات": "في ذروان بئر في بني زريق"، وقال القتبيّ: الصواب: ذي أروان، كما في الأصل. انتهى (١).
وقال في "الفتح": وذَرْوان بفتح المعجمة، وسكون الراء، وحَكَى ابن التين فتحها، وأنه قرأه كذلك، قال: ولكنه بالسكون أشبه، فقوله:"بئر ذروان" من إضافة الشيء لنفسه، ويُجمع بين الروايتين بأن الأصل:"بئر ذي أروان"، ثم لكثرة الاستعمال سُهِّلت الهمزة، فصارت ذروان، ويؤيده أن أبا عبيد البكريّ صَوّب أن اسم البئر "أروان" بالهمز، وأن من قال: ذروان أخطأ، قال الحافظ: وقد ظهر أنه ليس بخطأ على ما وجّهته، ووقع في رواية أحمد عن وهيب، وكذا في روايته عن ابن نُمير:"بئر أروان"، كما قال البكريّ، فكان رواية الأصيليّ كانت مثلها، فسقطت منها الراء، ووقع عند الأصيليّ فيما حكاه عياض (٢): "في بئر ذي أوان" بغير راء، قال عياض: وهو وَهَمٌ، فإن هذا موضع آخر على ساعة من المدينة، وهو الذي بُنِي فيه مسجد الضرار.
(قَالَتْ) عائشة - رضي الله عنها -: (فَأَتَاهَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ) ووقع في حديث ابن عباس، عند ابن سعد:"فبعث إلى عليّ، وعمار، فأمرهما أن يأتيا البئر"، وعنده في مرسل عمر بن الحكم:"فدعا جبير بن إياس الزُّرَقيّ، وهو ممن شَهِد بدرًا، فدلّه على موضعه في بئر ذروان، فاستخرجه - قال - ويقال: الذي استخرجه قيس بن مِحْصَن الزُّرَقيّ"، ويُجمع بأنه أعان جبيرًا على ذلك، وباشره بنفسه، فنُسب إليه، وعند ابن سعد أيضًا:"أن الحارث بن قيس قال: يا رسول الله، ألا يُهَوَّر البئرُ؟ "، فيمكن تفسير من أُبْهم بهؤلاء، أو بعضهم، وأن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجّههم أوَّلًا، ثم توجّه، فشاهدها بنفسه (٣).
(١) "المفهم" ٥/ ٥٧٢. (٢) "مشارق الأنوار" ١/ ١٥٢ و ٣٤٤. (٣) "الفتح" ١٣/ ٢١٢، كتاب "الطبّ" رقم (٥٧٦٣).