أرسل رسولًا، وقال: سلِّم على فلان، فبَلَغه الكتاب أو الرسول، وجب عليه أن يردّ السلام، وكذا ذكر الواحديّ، وغيره أيضًا: إنه يجب على المكتوب إليه ردّ السلام إذا بَلَغه السلام.
وفي "الصحيحين" عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا جبريل يقرأ عليك السلام" قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، هكذا وقع في بعض روايات "الصحيحين""وبركاته"، ولم يقع في بعضها، وزيادة الثقة مقبولة.
ووقع في كتاب الترمذيّ:"وبركاته"، وقال: حديث حسن صحيح، ويستحب أن يرسل بالسلام إلى من غاب عنه. انتهى (١)، وهو بحث مفيد، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة عشرة): قال النوويّ رحمه الله (٢): إذا سلَّم عليه إنسان، ثم لقيه على قرب، يُسَنُّ له أن يسلِّم عليه ثانيًا وثالثًا، وأكثر، قال النوويّ: اتفق عليه أصحابنا، ويدل عليه في "الصحيحين" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في حديث المسيء صلاته:"إنه جاء فصلى، ثم جاء إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فسلَّم عليه، فردَّ عليه السلام، وقال: ارجع، فصل، فإنك لم تصلِّ، فرجع، فصلى، ثم جاء، فسلَّم على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - " حتى فعل ذلك ثلاث مرات.
وفي "سنن أبي داود" عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا لَقِي أحدكم أخاه فليسلِّم عليه، فإن حالت بينهما شجرة، أو جدار، أو حجر، ثم لقيه، فليسلِّم عليه"(٣).
وفي "كتاب ابن السنيّ" عن أنس - رضي الله عنه - قال:"كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتماشون، فإذا استقبلتهم شجرة، أو أكمة، فتفرقوا يمينًا وشمالًا، ثم التقوا من ورائها، سلَّم بعضهم على بعض"(٤)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الرابعة عشرة): السُّنَّة أن يبدأ المسلم بالسلام قبل كل كلام، والأحاديث الصحيحة، وعمل سلف الأمة وخلفها على وفق ذلك مشهورة، فهذا هو المعتمَد.
(١) "الأذكار" ص ٢١٢. (٢) "الأذكار" ص ٢١٣. (٣) حديث صحيح. (٤) حديث حسن.