أو غيره، وفي رأسه قطعة منحوتة في قدر الكفّ، ولها مثل الأصابع، أولاهنّ معوجَّةٌ، مثل حلقة الإبهام المستعمل للتسريح، وَيحُكّ الرأس، والجسد، وهذه صفته. انتهى ملخصًا.
وقوله:(يَحُكُّ بِهِ رَأسَهُ) جملة في محلّ رفع صفة لـ "مِدْرَى"، يقال: حكّ الشيءَ حكًّا، من باب نصر: إذا قشره (١)، وفي الرواية التالية:"يُرجّل به رأسه"، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: لا تنافي بين الروايتين، فكان يحكّ به، ويُرجّل به، وترجيل الشعر: تسريحه، ومَشْطه (٢).
(فَلَمَّا رَآه رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:"لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُنِي) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وقع في أكثر النُّسخ، أو كثير منها، بلفظ: "تنتظرني"، وفي بعضها: "تنظرني" بحذف التاء الثانية، قال القاضي: الأول رواية الجمهور، قال: والصواب الثاني، ويُحْمَل الأول عليه. انتهى (٣).
قال الجامع عفا الله عنه: الذي في معظم نُسخ البخاريّ بلفظ: "تنتظر"، قال في "الفتح": قوله: "تنتظر" كذا لهم، وللكشميهنيّ: "تنظر"، وهي أَولي، والأخرى بمعناها، وللإسماعيليّ: "لو عَلِمت أنك تَطَّلع عليّ". (لَطَعَنْتُ بِهِ)؛ أي: بذلك الْمِدرَى (فِي عَيْنِكَ") هكذا بالإفراد، وهو كذلك عند البخاريّ في رواية الأكثرين، وفي رواية المستملي، والسرخسيّ:"في عينيك" بالتثنية.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: وهذا مما يُقَوِّي تعدد القصّة؛ لأنه في حديث أنس جزم بأنه اطَّلَع، وأراد أن يطعنه، وفي حديث سهل عَلَّق طعنه على نظره. انتهى (٤).
(وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: إنما شرع الله الاستئذان (مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ") بفتحتين: أي: الرؤية، وفي رواية البخاريّ:"من قِبَل الأبصار"، و"قِبَلِ" بكسر القاف، وفتح الموحّدة: أي: من جهة، و"الأبصار" بفتح أوله، جمع بَصَر، وبكسره مصدر أبصر، قاله في "الفتح"(٥).
(١) "المصباح المنير" ١/ ١٤٥. (٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٣٧. (٣) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٣٧. (٤) "الفتح" ١٦/ ١٠٠ - ١٠١، كتاب "الديات" رقم (٦٩٠٠). (٥) "الفتح" ١٦/ ٩٩ - ١٠٠، كتاب "الديات" رقم (٦٩٠١).