للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثُمَّ لَبِثَ) بكسر الموحّدة، من باب تَعِب؛ أي: تأخّر أبو بكر عنده - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (حَتَّى صلِّيَتِ الْعِشَاءُ) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: صلاتها، (ثُمَّ رَجَعَ)؛ أي: رجع أبو بكر إلى منزله.

وقال في "الفتح": قوله: "وإن أبا بكر تعشى عند النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم لَبِث حتى صلى العشاء، ثم رجع"، ووقع في الرواية التي في "الصلاة": "ثم لبث حتى صليت العشاء"، وفي رواية: "حيث صليت، ثم رجع"، فَشَرحه الكرمانيّ، فقال: هذا يُشعر بأن تعشِّي أبي بكر كان بعد الرجوع إلى النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والذي تقدَّم بعكسه، والجواب أن الأول بيان حال أبي بكر في عدم احتياجه إلى الطعام عند أهله، والثاني فيه سياق القصة على الترتيب الواقع، الأول: تعشي الصديق، والثاني: تعشي النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والأول: من العَشاء بفتحها؛ أي: الأكل، والثاني: بكسرها؛ أي: الصلاة، فأحَد هذه الاحتمالات أن أبا بكر لَمّا جاء بالثلاثة إلى منزله لبث إلى وقت صلاة العشاء، فرجع إلى النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى تعشى عنده، وهذا لا يصح؛ لأنه يخالف صريح قوله في حديث الباب: "وإن أبا بكر تعشى عند النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم إن الذي وقع عند البخاريّ بلفظ: "ثم رجع" بالجيم ليس متفقًا عليه من الرواة؛ لِمَا سأذكره، وظاهر قوله في هذه الرواية: "ثم رجع أي: إلى منزله، وعلى هذا ففي قوله: "فلبث حتى تعشى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فجاء بعدما مضى من الليل ما شاء الله" تكرارٌ، وفائدته الإشارة إلى أن تأخره عند النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان بمقدار أن تعشى معه، وصلى العشاء، وما رجع إلى منزله إلَّا بعد أن مضى من الليل قطعةٌ، وذلك أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يحب أن يؤخِّر صلاة العشاء، كما تقدم في حديث أبي برزة - رضي الله عنه -.

ووقع عند الإسماعيليّ: "ثم ركع" بالكاف؛ أي: صلى النافلة بعد العشاء، فعلى هذا فالتكرار في قوله: "فلبث حتى تعشى" فقط، وفائدته ما تقدم.

ووقع في رواية مسلم، والإسماعيليّ أيضًا: "فلبث حتى نَعَسَ" بِعَيْن، وسين مهملتين، مفتوحتين، من النعاس، وهو أَوْجَهُ، وقال عياض: إنه الصواب، وبه ينتفي التكرار من المواضع كلها إلَّا في قوله: "لَبِثَ"، وسببه اختلاف تعلق اللبث، فالأول قال: "لبث حتى صلى العشاء ثم قال: "فلبث حتى نعس".