وقال النوويّ رحمه الله:"الرغوة": هي زَبَد اللبن الذي يعلوه، وهي بفتح الراء، وضمها، وكسرها، ثلاث لغات مشهورات، ورُغاوة بكسر الراء، وحُكي ضمّها، ورُغاية بالضم، وحُكي الكسر، وارتغيت: شربت الرُّغوة. انتهى (٣).
(فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) آخذًا ذلك اللبن الذي علته الرغوة، (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("أَشَرِبْتُمْ شَرَابَكُمُ اللَّيْلَةَ؟ "، قَالَ) المقداد (قُلْتُ)؛ أي: بعد إجابته بنعم، (يَا رَسُولَ اللهِ اشْرَبْ) هذا اللبن، (فَشَرِبَ) بكسر الراء، (ثُمَّ نَاوَلَني)؛ أي: أعطاني الفاضل منه لأشربه، (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ اشْرَبْ) مرّة ثانيةً، (فَشَرِبَ، ثمَّ نَاوَلَنِى، فَلَمَّا عَرَفْتُ) بفتح الراء، فما اشتهر على ألسنة عوامّ الطلبة، من قولهم:"عَرِفتُ" بكسر الراء، فَلَحْن فاحش، فليُتنبّه، والله تعالى وليّ التوفيق.
(أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ رَوِيَ) بكسر الواو، كرَضِي.
وقال القرطبيّ رحمه الله: و"رَوِي" بكسر الواو، وتحريك الياء في الماضي، يروَى بفتح الواو وسكون الياء: في الشرب، فأما "رَوَى" بفتح الواو في الماضي، وكسرها في المستقبل: فهو في رواية الأخبار، ويقال أيضًا: بمعنى الاستقاء على الإبل، قال: وهذا الحديث من دلائل نبوة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (٤).
(وَأَصَبْتُ دَعْوَتَهُ) حيث قال: "اللهمّ أطعم من أطعمني، وأسق من سقاني"، (ضَحِكْتُ) من شدّة الفرح والسرور بذلك، (حَتَّى أُلْقِيتُ إِلَى الأَرْضِ) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: ضحِكت ضَحِكًا كثيرًا حتى سقطت إلى الأرض من شِدّة الضحك.
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "فضحكت حتى أُلْقِيتُ إلى الأرض" كذا
(١) بل يجوز التخفيف، فقد قال في "القاموس": ورَغَا اللبن، وأرغى، ورَغَّى: صارت له رُغوة. انتهى. (٢) "المصباح المنير" ١/ ٢٣٢. (٣) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٥. (٤) "المفهم" ٥/ ٣٣٤.