ذلك مع الضيف، بل يدلّ على كرم أخلاق فاعله، وإيثاره الضيف عند قلَّة الطعام، كما فعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فإنَّ الذي قُدّم إليه كان غداؤه، فإنَّ أقرصتهم صغار، لا سيما في مثل ذلك الوقت، ومع ذلك فشرّك فيه الغير وفاءً بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين كافي الأربعة"، رواه مسلم. انتهى (١).
وقوله:(فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قُرْصًا، فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ. . . إلخ) قال النوويّ -رحمه الله-: فيه استحباب مواساة الحاضرين على الطعام، وأنه يستحب جعل الخبز ونحوه بين أيديهم بالسوية، وأنه لا بأس بوضع الأرغفة، والأقراص صِحاحًا غير مكسورة. انتهى (٢).
وقوله:(قَالُوا: لَا، إِلَّا شَيْءٌ مِنْ خَلٍّ) قال الطيبيّ -رحمه الله-: المستثنى منه محذوف، والمستثنى بدل منه، قال: ونظيره ما في حديث عائشة -رضي الله عنها-: "لا إلا شيء بَعَثت به أم عطيّة"، متّفقٌ عليه. قال ابن مالك -رحمه الله-: فيه شاهد على إبدال ما بعد "إلا" من محذوف؛ لأن الأصل: لا شيء عندنا إلا شيء بعثت به أم عطيّة. انتهى (٣).
وقوله: (قَالَ: "هَاتُوهُ)؛ أي: أحضروا الخلّ الذي عندكم.
وقوله: (فَنِعْمَ الأُدُمُ هُوَ") "نعم الأدم" فعل وفاعلٌ، خبر مقدّم عن "هو"، وهو المخصوص بالمدح، أو هو خبر لمبتدإ محذوف وجوبًا (٤)؛ أي: المخصوص بالمدح هو، قال في "الخلاصة":