الإقامة بالمكان، ولم تدخل التاء فيه؛ لأنه صار اسْمًا للشاة. انتهى (١).
(قَالَ) جابر (فَذَبَحْتُهَا)؛ أي: ذبحت تلك البهيمة، (وَطَحَنَتْ) امرأتي ذلك الشعير، (فَفَرَغَتْ) امرأتي من طحنها (إِلَى فَرَاغِي)؛ أي: مع فراغي من ذبح تلك البهيمة، والفراغ بفتح الفاء: اسمٌ مِنْ فَرَغ من الشُّغْل فُرُوغًا، من باب قَعَد، وفَرِغَ يَفْرَغ، من باب تَعِبَ لغة لبني تميم، وفرغت للشيء، وإليه: قصدت، وفرغ الشيءُ: خلا، ويتعدّى بالهمزة والتضعيف، فيقال: أفرغته، وفرّغته، قاله الفيّوميّ (٢)، وقال المجد - رحمه الله -: فَرَغَ منه، كمَنَعَ، وسَمِعَ، ونَصَرَ فُرُوغًا، وفَرَاغًا، فهو فَرغٌ، وفارغٌ: خلا ذَرْعه، وفرغ له، وإليه: قصده. انتهى (٣).
وفي رواية عند أحمد:"فأمرت امرأتي، فطحنت لنا الشعير، وصنعت لنا منه خبزًا".
(فَقَطَّعْتُهَا) بتشديد الطاء المهملة؛ أي: قطّعت تلك البهيمة المذبوحة، وجعلتها (فِي بُرْمَتِهَا) - بضمّ الموحّدة، وإسكان الراء -: قِدْرٌ من حجارة، جمعه: بُرْمٌ بضمّ، فسكون أيضًا، وكصُرَد، وجِبَالٍ، والْمُبْرِمُ كمُحْسنٍ: صانعها، أو من يقتلع حجارتها من الجبال، قاله المجد (٤).
قال جابر - رضي الله عنه -: (ثُمَّ وَلَّيْتُ)؛ أي: أدبرت، وذهبت (إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)؛ أي: ليدعوه إلى ذلك الطعام، (فَقَالَتْ) امرأته (لَا تَفْضَحْنِي)؛ أي: لا تكشف عيبي، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: الفضيحة: العيب، والجمع: فضائح، وفضحته فَضْحًا، من باب نَفَعَ: كَشَفْته، وفي الدعاء:"لا تفضحنا بين خلقك"؛ أي: استُر عُيوبنا، ولا تكشفها، ويجوز أن يكون المعنى: اعصِمنا حتى لا نعصي، فنستحقّ الكشف. انتهى (٥).
والمعنى هنا: لا تكشف عيبي (بـ) مجيء (رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ مَعَهُ) من الصحابة - رضي الله عنهم -؛ لأن الطعام لا يكفيهم، فأفتضح بذلك، ويظهر عيبي بين الناس. (قَالَ) جابر (فَجِئْتُهُ) - صلى الله عليه وسلم - (فَسَارَرْتُهُ)؛ أي: كلّمته سرًّا فيما بيني وبينه،