وقوله:(يَوْمَ خَيْبَرَ) منصوب الظرفيّة لـ "أصابتنا"، وقوله:(وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) جملة حاليّة من المفعول، وكذا قوله:(وَقَدْ أَصَبْنَا لِلْقَوْمِ)؛ أي: لليهود، (حُمُرًا) ذكر الواقديّ أن عِدّة الحمر التي ذبحوها كانت عشرين، أو ثلاثين، كذا رواه بالشكّ. (خَارِجَةً مِنَ الْمَدِينَةِ)؛ أي: من مدينة خيبر، لا من مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، (فَنَحَرْنَاهَا)؛ أي: طعنّا نحرها، والمراد أنهم ذبحوها، يقال: نحره، كمنعه نحرًا، وتِنْحَارًا: أصاب نَحْره، ونَحَر البعير: طعنه حيثُ يبدو الْحُلقوم على الصدر، قاله المجد - رحمه الله - (١).
وفي رواية البخاريّ:"فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهليّة، فانتحرناها، فلما غلت القدور. . ." الحديث.
(فَإِنَّ قُدُورَنَا لَتَغْلِي) بفتح أوله، وكسر ثالثه، يقال: غَلَتِ القِدْرُ غَلْيًا، من باب ضَرَبَ، وغَلَيَانًا أيضًا، قال الفرّاء: إذا كان الفعل في معنى الذهاب والمجيء مُضطربًا، فلا تهابَنّ في مصدره الفَعَلانَ، وفي لغة: غَلِيَتْ تَغْلَى، من باب تَعِبَ، قال أبو الأسود الدُّؤليّ [من البسيط]:
والأُولى هي الْفُصحى، وبها جاء الكتاب العزيز في قوله تعالى:{يَغْلِي فِي الْبُطُونِ} الآية، ويتعدَّى بالهمزة، فيقال: أغليتُ الزيتَ، ونحوه إغلاءً، فهو مُغْلًى (٢).
(إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) سيأتي قريبًا في حديث أنس - رضي الله عنه - أن المنادي هو أبو طلحة - رضي الله عنه -، وفي رواية أنه بلال - رضي الله عنه -، وفي رواية النسائيّ أنه عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -، ولفظه:"فأمر (٣) عبد الرحمن بن عوف، فأذّن في الناس: ألا إن لحوم الحمر الإنس لا تحلّ لمن يشهد أني رسول الله".
قال الحافظ: ولعلّ عبد الرحمن نادى أولًا بالنهي مطلقًا، ثم نادى أبو طلحة، وبلال بزيادة على ذلك، وهو قوله:"فإنها رجسٌ". انتهى.
(أَنِ اكْفَئُوا الْقُدُورَ)"أن" هنا تفسيريّة، بمعنى "أيْ"؛ أي: اكفئوا القدور، و"اكفئوا" قال القاضي عياض: ضبطناه بألف الوصل، وفتح الفاء، من كفأت
(١) "القاموس المحيط" ص ١٢٦٧. (٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٥٢ - ٤٥٣. (٣) أي: النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.