(وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ) بالبناء للمفعول، (رِزْقُهُ)؛ أي: رِزقه الذي يأكله قبل يوم القيامة، فهو بمعنى قول الله - عز وجل - في الشهداء:{أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}[آل عمران: ١٦٩]، وبمعنى حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - الذي تقدّم من طريق عبد الله بن مُرَّة، عن مسروق، قال: سألنا عبد الله، عن هذه الآية: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)} [آل عمران: ١٦٩] قال: أَمَا إنا قد سألنا عن ذلك، فقال:"أرواحهم في جوف طير خُضْرٍ، لها قناديل مُعَلَّقة بالعرش، تَسْرَح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل. . ." الحديث.
(وَأَمِنَ الْفَتَّانَ") قال النوويّ - رحمه الله -: ضبطوا "أَمِنَ" بوجهين: "أحدهما": أَمِنَ - بفتح الهمزة، وكسر الميم - من غير واو، "والثاني": "أُمِنَ" - بضمّ الهمزة، وبواو -. انتهى (١).
وقوله: "الْفُتَّانَ" قال القاضي عياض - رحمه الله -: رويناه عن أكثرهم بالضمّ، جمع فاتن، ويكون للجنس، قال: وعن الطبريّ بالفتح، وذكره أبو داود مفسَّرًا: "وأُمِنَ من فَتَّاني القبر". انتهى (٢).
وقال السنديّ - رحمه الله -: "الفُتّانُ": - بضمّ الفاء، وتشديد المثناة الفوقيّة -: جمع فاتنٍ. وقيل: بفتح، فتشديد للمبالغة، وفُسّر على الأول: بالمنكر والنكير (٣)، والمراد أنهما لا يجيئان إليه للسؤال، بل يكفي موته مرابطًا في
(١) "شرح النوويّ" ١٣/ ٦٣. (٢) "إكمال المعلم" ٦/ ٣٤٢. (٣) حديث المنكر والنكير، وسؤالهما في القبر أخرجه الترمذيّ في "جامعه"، فقال ٣/ ٣٨٣: (١٠٧١) - حدّثنا أبو سلمة يحيى بن خلف، حدّثنا بشر بن المفضَّل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قُبر الميت - أو قال - أحدكم أتاه ملكان، أسودان، أزرقان، يقال لأحدهما: المنكر، والآخر: النكير، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول ما كان يقول: هو عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول هذا، ثم يُفسح له في قبره سبعون ذراعًا في سبعين، ثم يُنوَّر له فيه، ثم يقال له: نَمْ، فيقول: أرجع إلى أهلي، فأُخبرهم، فيقولان: نَمْ كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، =