(ضَرَارَتَهُ)؛ أي: عماه، قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا هو في جميع نسخ بلادنا: "ضرارته" بفتح الضاد، وحَكَى صاحب "المشارق"، و"المطالع" عن بعض الرواة أنه ضبطه: "ضَرَرًا به"، والصواب الأول. انتهى (٢).
وفي رواية للبخاريّ:"قال: والله لو أستطيع الجهاد معك لجاهدت" - أي: لو استطعت، وعَبّر بالمضارع إشارةً إلى الاستمرار، واستحضارًا لصورة الحال - "قال: وكان أعمى"، هذا يفسِّر ما في حديث البراء: فشكا ضرارته، وفي الرواية الأخرى عنه:"فقال: أنا ضرير"، وفي رواية خارجة:"فقام حين سمعها ابن أم مكتوم، وكان أعمى، فقال: يا رسول الله، فكيف بمن لا يستطيع الجهاد، ممن هو أعمى، وأشباه ذلك؟ "، وفي رواية:"فقال: إني أُحبّ الجهاد في سبيل الله، ولكن بي من الزمانة ما ترى، ذهب بصري"(٣).
(فَنَزَلَتْ) وفي رواية للبخاريّ: "فنزلت مكانها"، قال ابن التين: يقال: إن جبريل هبط، ورجع قبل أن يجفّ القلم.
قال ابن الْمُنَيِّر: لم يقتصر الراوي في الحال الثاني على ذِكر الكلمة الزائدة، وهي {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}، فإن كان الوحي نزل بزيادة قوله:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} فقط، فكأنه رأى إعادة الآية من أولها حتى يتصل الاستثناء بالمستثنى منه، وإن كان الوحي نزل بإعادة الآية بالزيادة بعد أن نزل بدونها، فقد حَكَى الراوي صورة الحال.
قال الحافظ: الأول أظهر؛ فإن في رواية سهل بن سعد:"فأنزل الله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}، وأوضحُ من ذلك رواية خارجة بن زيد، عن أبيه، ففيها: "ثُمّ سُرِي عنه، فقال: اقرأ، فقرأت عليه:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}،
(١) "الفتح" ١٠/ ٦٦ - ٦٧، كتاب "التفسير" رقم (٤٥٩٣). (٢) "شرح النوويّ" ١٣/ ٤٣. (٣) "الفتح" ١٠/ ٦٦، كتاب "التفسير" رقم (٤٥٩٣).