(عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ) عقبة بن عمرو البدريّ - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ) لا يُعرف اسمه (١). (إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: إِنِّي أُبْدِعَ بِي) قال النوويّ - رحمه الله -: هو بضم الهمزة، وفي بعض النسخ:"بُدِعَ بي" بحذف الهمزة، وبتشديد الدال، ونقله القاضي عن جمهور رواة مسلم، قال: والأول هو الصواب، والمعروف في اللغة، وكذا رواه أبو داود، وآخرون، بالألف، ومعناه: هَلَكَت دابتي، وهي مركوبي. انتهى (٢).
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "إني أُبدع بي"؛ أي: هلكت راحلتي، وانقُطِع بي، وهو رباعيّ، مبنيّ لِمَا لم يُسَمّ فاعله، وقد وقع لبعض الرواة:"بُدِّعَ بي" على وزن فُعِّل مشدد العين، وليس بمعروف في اللغة. انتهى (٣).
وقال ابن الأثير - رحمه الله -: يقال: أُبدعت الناقة: إذا انقطعت عن السير بكَلال، أو ظَلْع، كأنه جعل انقطاعها عما كانت مستمرّة عليه من عادة السير إبداعًا؛ أي: إنشاء أمر خارج عما اعتيد منها. انتهى (٤).
(فَاحْمِلْنِي)؛ أي: أعطني ناقة أركبها، وتحملني إلى الجهاد في سبيل الله، (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("مَا عِنْدِي")؛ أي: لا أجد في الوقت الحاضر ما أحملك عليه، (فَقَالَ رَجُلٌ) لا يُعرف اسمه أيضًا، (يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ)؛ أي: يُعطيه ما يركبه (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ) شرطيّة، ولذا دخلت الفاء في جوابها، (دَلَّ عَلَى خَيْرٍ، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ") قال النوويّ - رحمه الله -: المراد بمثل أجر فاعله: أن له ثوابًا بذلك الفعل، كما أن لفاعله ثوابًا، ولا يلزم أن يكون قَدْر ثوابهما سواء. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله النوويّ من عدم تساوي ثوابهما فيه نظر لا يخفى؛ إذ لا دليل على ذلك، بل ظواهر النصوص تدلّ على التساوي، وقد أجاد القرطبيّ - رحمه الله - في هذا البحث، ودونك ما قاله: