وقال النوويّ - رحمه الله -: قوله: "من الحفياء إلى ثنية الوداع": هي بحاء مهملة، وفاء ساكنة، وبالمد والقصر، حكاهما القاضي، وآخرون، والقصر أشهر، والحاء مفتوحة بلا خلاف، وقال صاحب "المطالع": وضَبَطه بعضهم بضمها، قال: وهو خطأ، قال الحازميّ في "المؤتلف": ويقال فيها أيضًا: الحيفاء بتقديم الياء على الفاء، والمشهور المعروف في كتب الحديث وغيرها: الحفياء، قال سفيان بن عيينة: بين ثنية الوداع والحفياء خمسة أميال، أو ستة، وقال موسى بن عقبة: ستة، أو سبعة، وأما ثنية الوداع: فهي عند المدينة، سُمِّيت بذلك؛ لأن الخارج من المدينة يَمشي معه المودِّعون إليها. انتهى (١).
(وَكَانَ أَمَدُهَا)؛ أي: غايتها (ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ)"الثنيّة" لغةً: الطريق إلى العقبة، قال القرطبيّ: وبين الحفياء وثنية الوداع خمسة أميال، أو ستة، على ما قاله سفيان، وقال ابن عقبة: ستة أميال، أو سبعة، وسمّيت ثنيةُ الوداع بذلك؛ لأن الخارج منها يُوَدِّعُ مُشَبِّعهُ عندها، وهي التي قالت فيها نساء الأنصار، فيما يُحْكَى:
يَعْنُون بذلك النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وبين الثنية ومسجد بني زُرَيق ميل واحد. انتهى (٢).
(وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ) تقدّم أنه من الإضمار، أو التضمير، (مِنَ الثَّنِيَّة)"أل" فيه عهديّة؛ أي: ثنيّة الوداعِ المذكورة (إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ) - بضمّ الزاي، وفتح الراء آخره قاف - بصيغة التصغير، وبنو زُريق بطن من الأنصار، من الخزرج، وهو زُريق بن عامر بن زُريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جُشَم بن الْخَزْرَج (٣).
(وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - (فِيمَنْ سَابَقَ بِهَا)؛ أي: بالخيل التي لم تُضمر، وفي رواية حمّاد، وابن عليّة التالية:"قال عبد الله: فجئت سابقًا، فطفّف بي الفرس المسجد"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.