الأول: قادر على الهجرة منها، لا يمكنه إظهار دينه بها، ولا أداء واجباته، فالهجرة منه واجبة.
الثاني: قادرٌ لكنه يمكنه إظهار دينه، وأداء واجباته، فمستحبة؛ لتكثير المسلمين، ومعونتهم، وجهاد الكفار، والأمن من غدرهم، والراحة من رؤية المنكر بينهم.
الثالث: عاجز بعذر من أَسْرٍ، أو مرض، أو غيره فتجوز له الإقامة، فإن حَمَل على نفسه، وتكلف الخروج منها أُجِر، قاله في "الفتح"(١).
(وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ)؛ أي: لكن لكم طريقٌ إلى تحصيل الفضائل التي في معنى الهجرة، وذلك بالجهاد، ونية الخير في كل شيء، من لقاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحوه، وارتفاع "جهادٌ" على الابتداء، وخبره محذوف مقدّمًا، تقديره: لكم جهادٌ، قاله في "العمدة"(٢).
(وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا") بصيغة المجهول؛ أي: إذا طُلبتم للنَّفْر، وهو الخروج إلى الجهاد (فَانْفِرُوا) بكسر الفاء؛ أي: اخرجوا، والمعنى: إذا دعاكم السلطان إلى غزو فاذهبوا.
وقال في "النهاية": الاستنفار: الاستنجاد، والاستنصار؛ أي: إذا طُلب منكم النُّصْرة، فأجيبوا، وانصروا، خارجين إلى الإعانة. انتهى (٣).
وقال النوويّ - رحمه الله -: يريد: أن الخير الذي انقطع بانقطاع الهجرة يمكن تحصيله بالجهاد، والنية الصالحة، وإذا أَمركم الإمام بالخروج إلى الجهاد ونحوه، من الأعمال الصالحة فاخرجوا إليه، والله تعالى أعلم.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الحديث متّفقٌ علية، وقد تقدّم في "كتاب الحجّ" برقم [٧٩/ ٣٣٠٣](١٣٥٣) "باب تحريم مكة، وتحريم صيدها" مطوّلًا، وقد استوفيت شرحه، وبيان مسائله هناك، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال: