العرب، وقال الداوديّ: أي: من بني آدم، وقال القابسيّ: معناه أنهم في الظاهر على ملتنا، وفي الباطن مخالفون، وجِلْدَة الشيء ظاهره، وهي في الأصل غشاء البدن، قيل: ويؤيد إرادة العرب أن السُّمْرة غالبة عليهم، واللون إنما يظهر في الجلد، ووقع في رواية أبي سلّام التالية:"فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين، في جثمان إنس"، وقوله:"جُثمان" بضم الجيم، وسكون المثلثة: هو الجسد، ويُطلق على الشخص.
قال القاضي عياض - رحمه الله -: المراد بالشر الأول: الفتن التي وقعت بعد عثمان، والمراد بالخير الذي بعده: ما وقع في خلافة عمر بن عبد العزيز، والمراد بالذين تَعْرِف منهم وتُنكِر: الأمراء بعده، فكان فيهم من يتمسك بالسُّنَّة والعدل، وفيهم من يدعو إلى البدعة، ويعمل بالْجَوْر.
قال الحافظ - رحمه الله -: والذي يظهر أن المراد بالشر الأول: ما أشار إليه من الفتن الأولى، وبالخير: ما وقع من الاجتماع مع عليّ ومعاوية، وبالدَّخَن: ما كان في زمنهما من بعض الأمراء، كزياد بالعراق، وخلاف من خالف عليه من الخوارج، وبالدعاة على أبواب جهنم: من قام في طلب الملك، من الخوارج وغيرهم، وإلى ذلك الإشارة بقوله:"الزَمْ جماعة المسلمين، وإمامهم"؛ يعني: ولو جار، ويوضح ذلك رواية أبي سلّام:"ولو ضَرَب ظهرك، وأخذ مالك"، وكان مثل ذلك كثيرًا في إمارة الحجاج ونحوه (١). (وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا")؛ أي: بالعربيّة، وفيه إشارة إلى أنهم من العرب، وقيل: معناه: يتكلّمون بلسان الشريعة، مما قال الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وليس في قلوبهم شيء من الخير.
وقال القرطبيّ: يعني أنهم ينتمون إلى نَسَبِهِ، فإنهم من قريشٍ، ويتكلمون بكلام العرب، وكذلك كانت أحوال بني أُميَّة (٢).
(قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَرَى) وفي بعض النسخ: "فما تأمرني" (إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: "تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِمَامَهُمْ") بكسر الهمزة؛ أي: أميرهم، زاد في رواية أبي سلّام: "تسمع، وتطيع وإن ضَرَب ظهرك، وأخذ
(١) "الفتح" ١٦/ ٤٨٥، كتاب "الفتن" رقم (٧٠٨٤). (٢) "المفهم" ٤/ ٥٧.