انتهى (١). (آنْتَ) بمدّ الهمزة، أصله: أأنت بهمزتين الأُولى همزة الاستفهام، فقُلبت الثانية مَدّة، (سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟) قال القرطبيّ - رحمه الله -: واستحلاف عبد الرحمن زيادةٌ في الاستيثاق، لا أنه كذّبه، ولا اتّهمه، (فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ، وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ)؛ أي: مدّ يديه مشيرًا بهما إلى أذنيه وقلبه ليؤكّد قوله: "سمعته أذناي، ووعاه قلبي"، قال ابن الأثير - رحمه الله -: "فأهوى بيده إليه"؛ أي: مدّها نحوه، وأمالها إليه، يقال: أهوى يده، وبيده إلى الشيء ليأخذه. انتهى (٢).
وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: أهوى إلى سيفه بالألف: تناوله بيده، وأهوى إلى الشيء بيده: مدّها ليأخذه إذا كان عن قُرب، فإن كان عن بُعْد قيل: هَوَى إليه بغير ألف، وأهويتُ بالشيء بالألف: أومأت به. انتهى (٣).
(وَقَالَ) عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -: (سَمِعَتْهُ)؛ أي: هذا الكلام من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (أُذُنَايَ) مرفوع على الفاعليّة بالألف؛ لأنه مثنّى مضاف إلى ياء المتكلّم، وهي مبنيّة على الفتح، كما قال في "الخلاصة":
(وَوَعَاهُ)؛ أي: حفظه (قَلْبِي، فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ) بن أبي سفيان - رضي الله عنهما -، (يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ)؛ أي: بإنفاقها في مقاتلة بعض المسلمين بعضهم، (وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا)؛ أي: يقتل بعضنا بعضًا.
وقال القاضي عياض - رحمه الله -: إنما قال ذلك حين رآه ذَكَر الحديث في حرمة منازعة الخليفة، وقَتْل منازعه، واعتقد أن ذلك في معاوية؛ لِتَقَدُّم بيعة عليّ،
(١) "النهاية في غريب الحديث والأثر" ٥/ ٥٣. (٢) "النهاية في غريب الحديث والأثر" ٥/ ٢٨٥. (٣) "المصباح المنير" ٢/ ٦٤٣ - ٦٤٤.