وهكذا رواه أبو داود الطيالسيّ عن سعد قال: نزلت فيّ أربع آيات: أصبت سيفًا يوم بدر، فأتيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: نَفِّلْنِيه، فقال:"ضعه من حيث أخذته" مرتين، ثم عاودته فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ضعه من حيث أخذته"، فنزلت هذه الآية:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ}(١).
وتمام الحديث في نزول:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا}[العنكبوت: ٨] وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ}[المائدة: ٩٠] وآية الوصية، وقد رواه مسلم في "صحيحه".
وروى الإمام أحمد عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: سألت عبادة عن الأنفال، فقال: فينا - أصحاب بدر - نزلت، حين اختلفنا في النَّفَل، وساءت فيه أخلاقنا، فانتزعه الله من أيدينا، وجعله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقسمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المسلمين عن بَوَاء - يقول: عن سواء (٢).
وروى الإمام أحمد أيضًا عن أبي أمامة، عن عبادة بن الصامت، قال: خرجنا مع النبيّ، فشهدت معه بدرًا، فالتقى الناس، فهزم الله تعالى العدوّ، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون، وأكبّت طائفة على العسكر يحوونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يصيب العدوّ منه غِرَّةً، حتى إذا كان الليل، وفاءَ الناس بعضهم إلى بعض، قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها، فليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدوّ: لستم بأحقّ به منا، نحن منعنا عنها العدو وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لستم بأحق منا، نحن أحدقنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخِفنا أن يصيب العدو منه غِرّةً، فاشتغلنا به، فنزلت:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المسلمين. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غار في أرض العدو نَفَّل الربع، فإذا أقبل راجعًا وَكُلُّ الناسِ نَفَّل الثلث، وكان يكره الأنفال، ويقول:"لِيَرُدّ قويّ المؤمنين على ضعيفهم"، ورواه الترمذيّ وابن ماجه، وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن.