(عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ) هذه رواية شعيب بن الليث عن أبيه، ووافقه يحيى بن بكير عن الليث عند البخاريّ، (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (أَنَّهُ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)، وفي رواية عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عند البخاريّ:"من الناس"، وفي رواية يونس ومعمر:"إن رجلًا من أسلم"، وفي حديث جابر بن سمرة الآتي:"رأيت ماعز بن مالك الأسلميّ حين جيء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. . ." الحديث، وفيه:"رجلٌ قصيرٌ، أعضل، ليس عليه رداء"، وفي لفظ:"ذو عَضَلات". (رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -) بالنصب على أنه مفعول "أَتَى"، وقوله:(وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ) جملة حاليّة؛ أي: والحال أنه - صلى الله عليه وسلم - جالس في المسجد النبويّ، (فَنَادَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ) يقال: أعرضتُ عنه: أضربتُ، وولّيتُ عنه، وحقيقته جعل الهمزة للصيرورة؛ أي: أخذت عُرْضًا؛ أي: جانبًا غير الجانب الذي هو فيه، قاله الفيّومي (١).
والمعنى: حوّل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وجهه إلى جهة أخرى؛ كراهية لما قاله، وسترًا عليه.
(فَتَنَحَّى)؛ أي: انتقل من الناحية التي كان فيها إلى الناحية التي يَستقبل بها وجه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، (تِلْقَاءَ وَجْهِهِ) منصوب على الظرفية، وأصله مصدرٌ أقيم مُقام الظرف؛ أي: مكان تلقاء، فحُذِف مكان، قيل: وليس من المصادر تِفعال بكسر أوله إلا هذا، و"تِبيان"، وسائرها بفتح أوله، وأما الأسماء بهذا الوزن فكثيرة، قاله في "الفتح"(٢).
وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: يجيء المصدر من فعل ثلاثيّ على تَفْعال بفتح التاء، نحو التَّضْرَاب، والتَّقْتَال، قالوا: ولم يجئ بالكسر إلا تِبْيَانٌ، وتِلْقَاءُ، تِنْضَالٌ، من المناضلة، وقيل: هو اسم، والمصدر تَنْضَالٌ - أي: بالفتح - على الباب. انتهى (٣).
(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٠٣. (٢) "الفتح" ١٥/ ٦١٠، كتاب "الحدود" رقم (٦٨١٥). (٣) "المصباح المنير" ٢/ ٦٩٩ - ٧٠٠.