الريح، وقد تُذكَّر على معنى الْهَوَاء، فيقال: هو الريح، وهَبَّ الريح، نقله أبو زيد، وقال ابن الأنباريّ: الريح مؤنّثةٌ، لا علامة فيها، وكذلك سائر أسمائها، إلا الإعصار، فإنه مذكّرٌ. انتهى (١). (مِنَ الْيَمَنِ) البلد المعروف، سُمّي به؛ لأنه عن يمين الشمس عند طلوعها، وقيل: لأنه عن يمين الكعبة، والنسبة إليه يَمَنيّ على القياس، وَيمَانٍ بالألف على غير قياس، ويقال: يمانيّ، وقد تقدّم تمام البحث فيه في شرح حديث:"جاء أهل اليمن، هم أرقّ أفئدة … " الحديث، فراجعه تستفد.
قال النوويّ: جاء في هذا الحديث: "يبعث الله تعالى ريحًا من اليمن"، وفي حديث آخر، ذكره مسلم في آخر الكتاب، عَقِبَ أحاديث الدجال (٢): "ريحًا من قبل الشام".
ويجاب عن هذا بوجهين:
[أحدهما]: يحتمل أنهما ريحان: شاميةٌ ويمانية، ويحتمل أن مبدأها من أَحَدِ الإقليمين، ثم تَصِلُ إلى الآخر، وتنتشر عنده، والله تعالى أعلم. انتهى (٣).
وقال القرطبيّ: هذه الريح إنما تُبعَثُ بعد نزول عيسى ابن مريم عليه السلام، وقتله الدّجّال، كما يأتي في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - في "الفتن" آخر الكتاب، غير أنه قال هنا:"ريحًا من قبل اليمن"، وفي حديث عبد الله:"من قبل الشام"، فيجوز أن يكون مبدؤها من قبل اليمن، ثم تمرّ بالشام، فتهبّ منه على من يليه. انتهى (٤).
(أَلْيَنَ مِنَ الْحَرِيرِ) ولفظ أبي نعيم: "ألين على المؤمن من الحرير"، وفيه - والله أعلم - إشارة إلى الرفق بهم، والإكرام لهم، قاله النوويّ.
وقال الأبيّ (٥): هذا الذي قاله النوويّ يؤخذ من السياق، وإلا فليس التسهيل دليلًا على التكرمة، ولا التصعيب دليلًا على الشقاء، فكم شقّ على