المدينة، وقد وقع عند ابن عبد البرّ من وجه آخر:"لأَرْمِيَنّ بها بين أعينكم، وإن كرهتم"، وهذا يُرَجِّح التأويل المتقدّم، قاله في "الفتح"(١).
وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله: "بين أكتافكم" هو بالتاء المثناة فوقُ؛ أي: بينكم، قال القاضي: قد رواه بعض رواة "الموطأ": "أكنافكم" بالنون، ومعناه أيضًا: بينكم، والكَنَف الجانب، ومعنى الأول: إني أصرِّح بها بينكم، وأوجعكم بالتقريع بها، كما يضرب الإنسان بالشيء بين كتفيه. انتهى (٢).
وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: وأما رواية: "لأضربنّ بها أعينكم"، فهي على جهة الْمَثَل الذي قُصِد به الإغياء في الإنكار؛ لأنه فَهِمَ عنهم الإعراض عما قال، والكراهة، فقابلهم بذلك، والرواية المشهورة:"أكتافكم" -بالتاء باثنتين من فوقها- جمع: كَتَفٍ، وقد وقع في "الموطأ" من رواية يحيى: "أكنافكم" بالنون، جمع كنف، وهو: الجانب. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٥٠/ ٤١٢٣ و ٤١٢٤](١٦٠٩)، و (البخاريّ) في "المظالم"(٢٤٦٣ و ٥٦٢٧ و ٥٦٢٨)، و (أبو داود) في "سننه"(٣٦٣٤)، و (الترمذيّ) في "جامعه"(١٣٥٣)، و (ابن ماجه) في "سننه"(٢٣٣٥)، و (مالك) في "الموطّإ"(٢/ ٧٤٥)، و (الشافعيّ) في "مسنده"(١/ ٢٢٤)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(٤/ ٥٤٩ و ٧/ ٣٠٤)، و (الحميديّ) في "مسنده"(٢/ ٤٦١)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٢٤٠ و ٢٧٤ و ٣٩٦ و ٤٦٣)، و (ابن الجارود) في "المنتقى"(١/ ٢٥٤)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٣/ ٤١٧ و ٤١٨)، و (الطبريّ) في "تهذيب الآثار"(٢/ ٧٧٩ و ٧٨٠ و ٧٨١ و ٧٨٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٦/ ٦٨ و ١٥٧) و"الصغرى"(٥/ ٣٢٢) و"المعرفة"(٤/ ٥٤٠ و ٤٤٦٩)، والله تعالى أعلم.
(١) "الفتح" ٦/ ٢٨٢، كتاب "المظالم" رقم (٢٤٦٣). (٢) "شرح النووي" ١١/ ٤٧. (٣) "المفهم" ٤/ ٥٣٢.