(قالَ) ظُهير: (لَقَدْ نَهَى) وفي رواية البخاريّ: "لقد نهانا"(رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) يأتي في آخر الحديث ذكر صيغة النهي، حيث قال:"فلا تفعلوا"، وبها يُعرف المراد بالأمر الرافق، قاله في "الفتح"(١). (عَنْ أَمْرٍ كَانَ بِنَا رَافِقًا) أي: ذا رفق (فَقُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ مَا) موصولة مبتدأ، خبره "فهو حقّ"؛ أي: الأمر الذي قاله - صلى الله عليه وسلم - فهو حق، لا ما يزعم الناس أنه رافق (قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَهُوَ حَقٌّ) فيه ما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم - من الخضوع لأمر ألله تعالى، وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وإيثاره على جميع مصالحهم، سواء عرفوا حكمة ذلك الأمر، أم لم يعرفوه، وكذلك ينبغي أن يكون كل مسلم؛ لأن المصالح الكاملة لا يعرفها إلا الله تعالى، كما قال عز وجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٢١٦)} [البقرة: ٢١٦].
(قَالَ) ظهير: (سَأَلنِي كَيْفَ تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ؟) أي: بمزارعكم، والحَقْلُ: الزرع، وقيل: ما دام أخضر، والمحاقلة: المزارعة بجزء مما يَخْرُج، وقيل: هو بيع الزرع بالحنطة، وقيل غير ذلك، كما تقدم (فَقُلْتُ: نُؤَاجِرُهَا يَا رَسُولَ اللهِ عَلَى الرَّبِيعِ) قال النوويّ رحمه الله: هكذا هو في معظم النسخ: "الرَّبِيع"، وهو الساقية، والنهر الصغير، وحَكَى القاضي عن رواية ابن ماهان:"الرُّبع" بضم الراء، وبحذف الياء، وهو أيضًا صحيح. انتهى (٢).
وقال في "الفتح": قوله: "على الرَّبِيع" - بفتح الراء، وكسر الموحدة - وهي موافقة لرواية:"على الأربعاء"، فإن الأربعاء جمع رَبِيع، وهو النهر الصغير، وفي رواية المستملي:"الرُّبَيِّع" بالتصغير، ووقع للكشميهنيّ:"على الرُّبُع" بضمتين، وهي موافقة لحديث جابر بلفظ:"كانوا يزرعونها بالثلث، والربع، والنصف"، لكن المشهور في حديث رافع الأول، والمعنى: أنهم كانوا يُكرون الأرض، ويَشترطون لأنفسهم ما يَنْبُت على الأنهار، قاله في "الفتح"(٣).