وقال ابن قُدامة رحمهُ اللهُ أصل الإِبَار عند أهل العلم: التلقيح، قال ابن عبد البرّ: إلا أنه لا يكون حتى يتشقق الطلع، وتظهر الثمرة، فعُبِّر به عن ظهور الثمرة؛ للزومه منه، والحكم متعلق بالظهور، دون نفس التلقيح، بغير اختلاف بين العلماء، يقال: أَبَرْتُ النخلة بالتخفيف، والتشديد، فهي مُؤَبَّرة، ومأبورة، ومنه قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "خير المال سِكَّة مأبورة"(٢)، والسكة: النخل المصفوف، وأَبَرت النخلة آبُرها أَبْرًا، وإِبارًا، وأَبَّرتها تأبيرًا، وتأبرت النخلةُ، وائتبرت، ومنه قول الشاعر [من الرجز]:
وفسّر الخرقي المؤبَّر بما قد تشقق طلعه؛ لتعلق الحكم بذلك، دون نفس التأبير، قال القاضي: وقد يشقه الصَّعَّاد، فيظهر، وأيهما كان، فهو التأبير المراد ها هنا. انتهى كلام ابن قُدامة رحمهُ اللهُ بزيادة من "اللسان"(٣).
وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: إِبَارُ النخل، وتأبيره: تلقيحه، وتذكيره، وهو: أن يجعل في النخلة فَحَّالة، وعند ذلك يثبت ثمرها بإذن الله تعالى، يقال: أَبَرْتُ النخلة، آبِرها بكسر الباء وضمها، فهي مأبورة. ومنه قولهم:"خير المال مهرة مأمورة، وسكَّة مأبورة"(٤).
ويقال: أَبَّرت النخلة - مشدَّدًا - تأبيرًا، وهي مؤبَّرة، كقوَّمت الشيء تقويمًا، وهو مقوَّم، ويقال: تأبَّر الفسيل: إذا قبل الإِبَار، قال الراجز:
تَأَبَّرِي يا خَيْرَةَ الفَسِيل … إِذْ ضَنَّ أهلُ النَّخل بالفُحُول
(١) "المصباح المنير" ١/ ١. (٢) أخرجه الإمام أحمد رحمهُ اللهُ في "مسنده" (٣/ ٤٦٨)، والطبرانيّ في "المعجم الكبير" (٧/ ١٠٧)، وهو حديث ضعيف، راجع: "ضعيف الجامع الصغير" للشيخ الألبانيّ رحمهُ اللهُ (ص ٤٢٩) رقم (٢٩٢٦). (٣) راجع: "المغني" ٦/ ١٣٠، و"لسان العرب" ٤/ ٣ - ٤. (٤) تقدّم أنه حديث ضعيف.