وجابر - رضي الله عنهما -، وذهب إلى الثاني علي بن أبي طالب، وابن عبّاس - رضي الله عنهم -. ذكر ذلك والدي رحمه الله في "شرح الترمذيّ"، وقال: الأول أصحّ، وعائشة صاحبة القصّة، وهي أعرف بذلك، مع موافقة ظاهر القرآن؛ لقوله:{فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}، وهو الطلاق. انتهى (١).
وقال الحافظ رحمه اللهُ: قال الماورديّ: اختُلِف هل كان التخيير بين الدنيا والآخرة، أو بين الطلاق والإقامة عنده؟ على قولين للعلماء، أشبههما بقول الشافعيّ الثاني، ثم قال: إنه الصحيح، وكذا قال القرطبيّ: اختُلِف في التخيير، هل كان في البقاء والطلاق، أو كان بين الدنيا والآخرة؟ انتهى.
قال الحافظ: والذي يظهر الجمع بين القولين؛ لأن أحد الأمرين ملزوم للآخر، وكأنهنّ خُيِّرن بين الدنيا، فيطلقهنّ، وبين الآخرة، فيمسكهنّ، وهو مقتضى سياق الآية.
قال: ثم ظهر لي أن محل القولين، هل فُوِّض إليهنّ الطلاق أم لا؟ ولهذا أخرج أحمد، عن عليّ قال: لم يخيِّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه إلا بين الدنيا والآخرة. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:
[٣٦٨٢](١٤٧٦) - (حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّة، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَأْذِنُنَا، إِذَا كَانَ فِي يَوْمِ الْمَرْأَةِ مِنَّا بَعْدَمَا نَزَلَتْ:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ}، فَقَالَتْ لَهَا مُعَاذَةُ: فَمَا كُنْتِ تَقُولِينَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اسْتَأْذَنَكِ؟ قَالَتْ: كُنْتُ أقولُ: إِنْ كَانَ ذَاكَ إِلَيَّ، لَمْ أُوثِرْ أَحَدًا عَلَى نَفْسِي).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ) بن إبراهيم، أبو الحارث البغداديّ، مروزيّ الأصل، ثقةٌ عابدٌ [١٠](ت ٢٣٥)(خ م س) تقدم في "الإيمان" ٢٥/ ٢٠٩.