في المجموع؛ لأن كلًّا منها دالّ على عدم الرضا، والتسليم، فتنبّه.
و"الجيوب": جمع جَيْب - بالجيم، والموحدة - وهو: ما يُفْتَح من الثوب؛ لِيُدْخَل فيه الرأس، والمراد بِشَقِّه إكمال فتحه إلى آخره، وهو من علامات التسخط.
(أَوْ دَعَا) وللبخاريّ: "ودعا" بالواو، وسيشير إليها المصنّف أيضًا، وهي بمعنى "أو"، كما سبق آنفًا (بِدَعْوَى) ولفظ النسائيّ: "بدعاء" (الْجَاهِلِيَّةِ") أي من النياحة، ونحوها، وكذا النُّدْبةُ، كقولهم: واجبلاه، وكذا الدعاء بالويل والثبور.
فقد أخرج ابن ماجه، وصححه ابن حبان من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ الخامشة وجهَهَا، والشاقّة جيبها، والداعية بالويل والثبور".
قال النوويّ: وأما "دعوى الجاهلية"، فقال القاضي عياض: هي النياحة، ونَدْبُهُ الميتَ، والدعاء بالويل، وشبهه، والمراد بالجاهلية ما كان في الفترة قبل الإسلام. انتهى (١).
وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى: "دعوى الجاهليّة" هنا: هي النياحة، وندبة الميت، والدعاء بالويل، والنعي، وإطراء الميت بما لم يكن فيه، كما كانت الجاهليّة تفعله، ويحتمل أن يراد بها نداؤهم عند الهياج والقتال: يا بني فلان مستنصرًا بهم في الظلم والفساد، وقد جاء النهي عنها في حديث آخر، وقال: "دَعُوها فإنها منتنة"، متّفقٌ عليه، وأمر بالانتماء إلى الإسلام، فقال: "ادعوا بدعوة المسلمين التي سمّاكم الله بها" (٢)، والأول أليق بهذا الحديث؛ لأنه قرنه بضرب الخدود، وشقّ الجيوب. انتهى (٣).
[تنبيه]: عموم هذا الحديث يَشمل الذكور والإناث، وتخصيص الإناث
(١) "شرح النوويّ" ٢/ ١١٠. (٢) حديث صحيح، أخرجه الترمذي في "كتاب الأمثال" من "جامعه" مطوّلًا من حديث الحارث الأشعريّ - رضي الله عنه - برقم (٣٠٣٥). (٣) "المفهم" ١/ ٣٠١.