وقولها:(أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَزَوَّجَهَا) فيه التفات؛ إذ الأصل أن تقول: تزوجني إلخ، فتنبّه.
وقوله:(وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ) تقدّم أنه لا تنافي بينه وبين قولها: "تزوجني، وأنا ابن ستّ سنين"؛ لإمكان الجمع بأن ذلك كان في أوائل السنة السابعة، فيكون معنى قولها:"ست سنين" التي انقضت، ومعنى "سبع سنين" التي هي فيها، والله تعالى أعلم.
وقوله:(وَزُفَّتْ إِلَيْهِ) بالبناء للمفعول، يقال: زَفَّت النساء العَرُوس إلى زوجها زَفًّا، من باب نصر، والاسم الزِّفَاف بالكسر، ككتاب، وهو إهداؤها إليه، وأزفّتها بالألف لغة، وزَفّ الرجلُ يَزِفّ، من باب ضرب: أسرع، والاسم الزَّفِيف (١).
وقوله:(وَلُعَبُهَا مَعَهَا)"اللُّعَب" بضمّ، ففتح: جمع لُعْبَة، بضمّ، فسكون، وزانُ غُرْفَة، وغُرَفٍ، وهي كلُّ ما يُلْعَب به مثلُ الشِّطْرنج، والنَّرْد (٢)، قال النوويّ - رحمه الله -: المراد هنا هذه اللُّعَب المسماة بالبنات التي تَلْعَب بها الجواري الصغار، ومعناه التنبيه على صِغَر سنها، قال القاضي عياض - رحمه الله -: وفيه جواز اتخاذ اللُّعَبِ، وإباحة لَعِب الجواري بهنّ، وقد جاء في الحديث الآخر أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رأى ذلك، فلم ينكره، قالوا: وسببه تدريبهنّ لتربية الأولاد، وإصلاح شأنهنّ وبيوتهنّ. انتهى كلام القاضي.
قال النوويّ: ويَحْتَمِل أن يكون مخصوصًا من أحاديث النهي عن اتخاذ الصور؛ لما ذكره من المصلحة، ويَحْتَمِل أن يكون هذا منهيًّا عنه، وكانت قصّة عائشة - رضي الله عنها - هذه، ولُعَبها في أول الهجرة قبل تحريم الصور، والله أعلم. انتهى.
وقولها:(وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانَ عَشْرَةَ) وفي نسخة: "ثماني عشرة".
والحديث متّفق عليه، ومضى شرحه، وبيان مسائله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.