وفي كلامهم: حار بعدما كان، يريد كان على حالة جميلة فحار عن ذلك؛ أي: رجع، قال الله تعالى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤) بَلَى} [الانشقاق: ١٤، ١٥] أي: لن يرجع. انتهى (١).
(وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ) أي: وأعوذ بك من أن يدعو عليّ أحدٌ ظلمته، وإنما استعاذ من دعوة المظلوم؛ لأنها مستجابة، ففي حديث خزيمة بن ثابت -رضي الله عنه- مرفوعًا:"اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تُحْمَل على الغمام، يقول الله: وعزتي، وجلالي، لأنصرنّك ولو بعد حين"(٢).
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "ودعوة المظلوم" أي: أعوذ بك من الظلم، فإنه يترتب عليه دعاء المظلوم، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، ففيه التحذير من الظلم، ومن التعرض لأسبابه. انتهى (٣).
(وَسُوءِ الْمَنْظَرِ) بالظاء المعجمة؛ أي: المرأى، وهو كلُّ منظر يُعقب النظر إليه سُوءًا (فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ) أراد به أن لا يرى في أهله وماله مكروهًا يسوؤه، وهذا بمعنى ما سبق:"وسوء المنقلب في المال والأهل"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن سَرْجِسَ -رضي الله عنه- هذا من أفراد
المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٧٢/ ٣٢٧٧ و ٣٢٧٨](١٣٤٣)، و (الترمذيّ) في "الدعوات"(٣٤٣٩)، و (النسائيّ) في "الاستعاذة"(٨/ ٢٧٢ - ٢٧٣) و"الكبرى"(٤/ ٤٥٩) و"عمل اليوم والليلة"(٤٩٩)، و (ابن ماجه) في "الجهاد"(٣٨٨٨)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(٥/ ١٥٤)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (٦/
(١) "المرعاة" ٨/ ١٧٠. (٢) رواه الطبرانيّ في "المعجم الصغير"، والضياء في "المختارة"، وصححه الشيخ الألبانيّ في "صحيح الجامع الصغير". (٣) "شرح النوويّ" ٩/ ١١٢.