وقيل: وقعت هذه القصّة في مقدمه إلى بيت الله، والمراد بالصدور، والقفول صدوره من المدينة للحجّ، ولا يخفى ما فيه (١).
(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("مَن الْقَوْمُ؟ ") وفي رواية النسائيّ: "من أنتم؟ "(قَالُوا: الْمُسْلِمُونَ) خبر لمحذوف؛ أي: نحن المسلمون (فَقَالُوا) أي: القوم (مَنْ أَنْتَ؟) كذا بالإفراد، وفي رواية النسائيّ:"من أنتم".
قال القاضي عياض -رحمه الله-: يَحْتَمِل أن يكون هذا اللقاء كان ليلًا، فلم يعرفوه -صلى الله عليه وسلم-، ويَحْتَمِل كونه نهارًا، لكنّهم لم يروه -صلى الله عليه وسلم- قبل ذلك، لعدم هجرتهم، فأسلموا في بلدانهم، ولم يهاجروا قبل ذلك. انتهى.
(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("رَسُولُ اللهِ") أي: أنا رسول الله (فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا) لا تُعرَف من هي ولا الصبيّ (٢)، وفي رواية للنسائيّ:"فأخرجت امرأة صبيًّا من الْمِحَفّة، فقالت … "، وفي رواية أحمد، وأبي داود:"ففَزِعت امرأة، فأخذت بعضد صبيّ، فأخرجته من مِحَفّتها".
و"المحفّة" -بكسر الميم، وتشديد الفاء-: مركب للنساء، كالهودج، إلا أنها لا تُقبّب كما تقبّب الهوادج.
(فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟) وفي الرواية الآتية: "فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَلِهَذَا حَجٌّ؟ " أي: أيحصل لهذا الصبيّ ثواب حجّ، فقوله:"حجّ" فاعل بالجارّ والمجرور؛ لاعتماده على الاستفهام، ويجوز أن يكون مبتدأ مؤخّرًا خبره الجارّ والمجرور قبله، وفي رواية لأحمد:"هل لهذا حجّ؟ ".
(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("نَعَمْ) أي: له حجّ، وقوله: (وَلَكِ أَجْرٌ") زاده -صلى الله عليه وسلم- على سؤالها؛ ترغيبًا لها.
قال عياض -رحمه الله-: وأجرها فيما تكلّفته في أمره في ذلك، وتعليمه، وتجنيبه ما يجتنبه المحرم.
وقال النوويّ -رحمه الله-: معناه بسبب حملها، وتجنيبها إياه ما يجتنبه المحرم، وفعل ما يفعله المحرم.