(قَالَ) أبو موسى - رضي الله عنه - (فَطُفْتُ بِالبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوة، ثُمَّ أتيْتُ امْرَأةً) لم يعرف المرأة (١)(مِنْ بَيي قَيْسٍ) وفي رواية للبخاريّ: "امرأة من قيس"، قال الحافظ - رحمه الله -: والمتبادر إلى الذهن من هذا الإطلاق أنها من قيس عيلان، وليس بينهم وبين الأشعريين نسبة، لكن في رواية أيوب بن عائذ:"امرأة من نساء بني قيس"، وظهر لي من ذلك أن المراد بقيس: قيس بن سُليم والد أبي موسى الأشعريّ، وأن المرأة زوج بعض إخوته، وكان لأبي موسى من الإخوة أبو رُهْم، وأبو بردة، قيل: ومحمد. انتهى (٢).
(فَفَلَتْ رَأسِي) بتخفيف اللام: أي أخرجت منه القملَ، يقال: فَلَيتُ رأسي فَلْيًا، من باب رَمَى: نقّيته من القمل (٣)، وفي الرواية التالية:"فمشطتني، وغسلت رأسي".
قال النوويّ - رحمه الله -: هذا محمول على أن هذه المرأة كانت محرمًا لأبي موسى - رضي الله عنه -.
(ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ) قال النوويّ - رحمه الله -: يعنى أنه تحلل بالعمرة، وأقام بمكة حلالًا إلى يوم التروية، وهو الثامن من ذي الحجة، ثم أحرم بالحج يوم التروية، كما جاء مبينًا في غير هذه الرواية.
[فإن قيل]: قد عَلَّقَ عليّ بن أبي طالب، وأبو موسى - رضي الله عنهما - إحرامهما بإحرام النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأمر عليًّا بالدوام على إحرامه قارنًا، وأمر أبا موسى بفسخه إلى عمرة؟.
[فالجواب]: أن عليًّا - رضي الله عنه - كان معه الهديُ، كما كان مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الهديُ، فبقي على إحرامه، كما بقي النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكلُّ من معه هديٌ، وأما أبو موسى فلم يكن معه هديٌ، فتحلل بعمرة، كمن لم يكن معه هديٌ، ولولا الهديُ مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لجعلها عمرةً، وقد سبق إيضاح هذا الجواب في الباب الذي قبل هذا. انتهى (٤).
(قَالَ) أبو موسى - رضي الله عنه - (فَكُنْتُ أُفتِي بِهِ النَّاسَ) يعني بالتحلّل لمن أحرم